يسقط الثلج في إنجلترة شتاء على شكل حبات الدقيق فيعلو الأرض والمنزل والأشجار، فيخيل للرائي كأنما قد كسيت الدنيا كساء من القطن، وكأن النهار ليلة مقمرة، وكأنمابياض الثلج من أثر بياض أشعة القمر؛ وتذكى النار في المواقد في البيوت، فكأن ألوان النار ألوان الأزهار الزاهية في جنة الربيع؛ وتذكى نار المواقد وجنات الوجوه، فكأن في المواقد جمراً، وفي الوجوه جمراً؛ وتبحث في القلوب فترى نار الحياة وشرتها، وترى الحب والآمال لم يغض منها برد الشتاء وثلجه.
(الناظم)
نشر الضريبُ على البسيطة ... حلة بيضاء تمحو غبرة الغبراء
يسعى على وَضَح النهار كأنما ... يسري الفتى في ليلة قمراء
فكأنَّ نُورَ البدر ما حَلَّى الثرى ... برواء تلك الحلة البيضاء
غلب البياض على اصفرار أشعة ... تهب النهارَ من اصفرار ذُكاء
وعلى المساكن كسوة منه كما ... تعلو المفارقَ شيبةُ الشمطاء
فإذا مشابهة المشيب كدعوةٍ ... للنفس أن تنأى عن الأهواء
وإذا استراح لِمُقْمِر من لونه ... راء ترى الأحلامَ عينُ الرائي