للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بمناسبة عيد موزار]

تكريم النوابغ

للأستاذ عبد الحميد فهمي مطر

في الوقت الذي وصل فيه العدد الأخير من الرسالة إلى أيدي القراء كان سكان مدينة سالزبرج خاصة والنمساويون عامة. قد انتهوا من عيدهم الذي يقيمونه سنوياً ذكرى للموسيقار النابغة الذي لم يطل عمره أكثر من ستة وثلاثين عاماً بذّ فيها جميع معاصريه الموسيقيين وأحدث في الموسيقى الغربية حدثاً عظيماً لا يمحوه الزمان. ولد هذا النابغة في ٢٧من يناير سنة ١٧٥٦ في مدينة مدينة الحدائق والجمال، ونشأ وترعرع في حضن والده ليوبولد الذي كان موسيقاراً في خدمة الكنيسة في تلك المدينة، وقد ظهر ميله إلى الموسيقى ولما يبلغ الثالثة من عمره، وبدأ في سن الرابعة يعزف بعض القطع الصغيرة وفي سن السادسة رحل مع والده إلى ألمانيا فحاز عزفه إعجاب الملوك والأمراء حتى الإمبراطور فرنسوا الأول أجلسه بجواره وسماه (الساحر الصغير) كما أن البرنسيس ماري انتوانت التي صارت فيما بعد ملكة فرنسا رفعته بين ذراعيها لشدة إعجابها به، فقال لها الطفل عندئذ: (حقاً إنك لطيفة وعندما أكبر سأتزوج منك) وفي سن السابعة بدأ يعزف على الكمان والأركون في رحلاته مع والده كما بدأ يؤلف بعض قطع صغيرة. وفي أبريل من سنة ١٧٦٤ زار مع والده إنجلترا. فكان إعجاب الأسرة المالكة به كبيراً، وقد أملى على الملكة قطعة موسيقية من تأليفه، كما أنه أهدى إلى المتحف البريطاني مقطوعة (الله ملجأنا) ولما بلغ الحادية عشرة ألف أول أوبرا له أسماها بناء على إشارة الإمبراطور جوزيف الثاني قالت عنها لجنة الفحص (إنه عمل لا يضارع) ومن ذلك الوقت أخذ يظهر حقد الموسيقيين عليه وهبوا يدسون له الدسائس في قصر الإمبراطور، فكان ذلك سبباً في البؤس والفاقة الذين لازماه طول حياته تقريبا. غير أن هذا لم يمنعه من إبلاغ رسالته وإخراج تأليفه العظيمة أثناء جولاته في إيطالياوغيرها من بلاد أوربا

وفي يوليه ١٧٦٩ أي عندما كانت سنه ثلاثة عشر عاماً تقريباً منحته أكاديمية بولونيا لقب (مؤلف) مع أن القانون يحرم منح هذا اللقب لمن هو أصغر من عشرين عاماً. ولقد كان عجباً أن يخرج هذا الصبي النمساوي المولد والنشأة واللغة في٢٦ ديسمبر سنة ١٧٦٩ ولما

<<  <  ج:
ص:  >  >>