من الوسائل التي تساعد على التنفيذ، وعلى تقوية الشخصية العملية، تلك الصفة الحية وهي الشعور بالواجب، وإجابة نداء الضمير؛ فالإنسان حينما يشعر بوازع نفسي بأنه يجب عليه أن يفعل كذا، أو بأنه يجب عليه ألا يفعل كذا، فان هذا الشعور وحده يرمي إلى مغزى خلقي، ويستدعي نشاطاً عقلياً لفعل الشيء أو محاربته، فهو بمثابة مؤثر داخلي يؤثر فيه تأثيراً قوياً. وإن إجابة هذا المؤثر أو الباعث النفسي خير كفيل لاستنهاض الهمة، ومضاعفة العزيمة. قال (إمرسون) إن الإنسان إذا استحثه الواجب لأن يقوم بعملٍ ما، قام به) وليس الشعور بالواجب أو تلبية نداء الضمير، أو الصوت الداخلي، مقصوراً على طبقة دون الأخرى، ولا على جيل من الأجيال، ولا سن من الأسنان.
وإذا تذكرنا أن الشعور بالواجب يتضمن حكم النفس وضبطها، أمكننا أن ندرك العلاقة بين شخصية وبين الشعور بالواجب وإجابة الداعي النفسي؛ ففي كل أمر من أمور الحياة نجد أن هدوء البال، وراحة الضمير، والاطمئنان، والجمال - ثمرة من ثمرات الطاعة، ومراعاة القوانين العلمية والفنية.
وإننا إذا بحثنا في تاريخ العظماء والأدباء والفنانين، وجدنا أن ذوي الشخصيات الخالدة (في التاريخ) كانوا من ذوي الضمائر الحية الحساسة، الذين يجيبون نداء الضمير، ويصغون إلى صوت الله فيهتدون بهديه، وكانوا يحسون بالواجب فيقومون به، ويعملون على تنفيذه. وكثيراً ما يكون الضمير الحي والشعور بالواجب سبباً في إنقاذ الإنسان من صروف الحياة، ومن السقوط إلى الهاوية فلا يكون فريسة للنفس الشريرة. فكل إنسان تفتح أمامه السبل المختلفة، ولكن الروح الطاهرة لا تفكر إلا في الطرق الشريفة السامية، أما الروح الدنيئة فلا تنظر إلا إلى الطرق الدنيئة، ومعظم الناس يسلكون طريقاً وسطاً. وإن الشعور بالواجب، وحب الفضيلة، والتمسك بالخير تكسب الشخص قوة وروعة ووقاراً،