وتبعث في نفسه الحياة، وتقوده إلى الطريق السوي، وتعوده الصبر والمثابرة، وتقوي الإرادة، وهي التربة الصالحة التي فيها تنمو وتثمر الشخصية القوية الغنية.
(٤) قوة الوازع الديني:
إننا في البحث في الشخصية الإنسانية لا يمكننا أن ننسى الدين وأثره، والوازع الديني وقوة تأثيره في حياة الإنسان، فكثيراً ما يواجه الإنسان بأزمات وشدائد لا قبل له بها، ولولا الثقة بالله والإيمان به لجزع، وتملكه اليأس، واستولت عليه الهموم من كل جانب. ولكن الوازع الديني هو الذي ينتشله من وهدة القنوط، ويبعث في نفسه، ويحييه من يأسه، وينير الطريق أمامه بعد أن كان مظلماً، ويهديه بعد الضلال، ويسليه عند الشدة. فالعنصر الوجداني قوي في العقيدة الدينية، وهو يستحث الشخص في أداء الواجب، وإرضاء الضمير، والصبر، والمثابرة، ويوحي إليه بفعل الخير واجتناب الشر، ويدعوه إلى الحركة والعمل في الحياة، ويرشده، فيعمل الإنسان العمل وكله أمل وثقة بالله، يؤدي واجبه ويترك النتيجة لله، لا يفكر في الماضي؛ لأنه قد فات. وينظر في الحاضر، ويترك المستقبل لله يفعل ما يشاء. وبهذه الوسيلة يهدأ باله، ويطمئن خاطره، وتقوى شخصيته، ويكون سعيداً في الحياة. والإنسان عادة يطمئن إلى رجال الدين والمتدينين الذين يثقون بالله تمام الثقة، ويفعلون ما يفعلون ابتغاء مرضاة الله. أما الرجل الذي لا دين له فلا ضمير له، ولا يمكنك أن تطمئن إليه.
ومعظم المصلحين في العالم كان الوازع لهم في الإصلاح دينياً، أمثال الأنبياء والخلفاء والأئمة من المسلمين، وهليل والرباني (عقيبة) من الإسرائيليين، ومارتن لوثر، وكارليل، ورسكن من المسيحيين. فالوازع الديني هو الذي أمدهم بثروة في العقل، وقوة في الروح، وعظمة في الخلق، فأثروا في جيلهم، وفي الأجيال التي أتت من بعدهم. ولسنا اليوم في حاجة إلى رجال يقومون بالواجب فحسب، ولكننا في حاجة إلى رجال يمكنهم أن يحثوا غيرهم على القيام به.
الخلاصة:
وصفوة القول أننا في الشخصية العملية نحتاج إلى ما يأتي:
١ - أن يكون لنا غرض معين في الحياة، نعمل للوصول إليه بحيث نعتمد على أنفسنا ولا