للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صحائف مطوية:]

رأس النقب وخليج العقبة

حملة البرنس أرناط على الأراضي المقدسة الإسلامية

عام ٥٧٨ هجريه

للأستاذ أحمد رمزي بك

قالوا (الحرب رحى ثقالها الصبر وقطبها المكر ومدادها الاجتهاد وثقافها الأناة وزمامها الحذر) (العقد الفريد)، أما تلك التي أضعها أمامك فكانت ملحمة من ملاحم الحروب الفاصلة جمعت بين قوات البر والبحر معاً، وقامت فيها المصادمة على ظهور المراكب والمطاردة على رمال الصحراء. ولم تتسع للصبر لأن السرعة كانت عنصرها، ولا للمكر والاجتهاد واصطناع الخديعة لأنها جاءت على غير إستعداد، ولم يصاحبها الحذر لأنها بنيت على المفاجأة والأقدام.

كان مشروعاً دفعه الحقد والحمق والغرور، ذلك المشروع الحربي الذي دار بمخيلة البرنس أرناط صاحب الكرك الفرنجة فقد أقسم أيمانا ملغظة على فتح الحجاز وإيذاء المسلمين في أشرف بقعه يقدسونها، ولذلك أنشأ أسطولاً في أراضيه جعله من قطع حملتها الإبل، وسارت بها وسط القفار ليلقى بها في خليج العقبة، وساعده بعض أشرار البدو في عدوانه ولم تأت سنة ٥٧٨ إلا والأسطول يمخر عباب البحر الأحمر، وإذا به ينقسم إلى فرقتين أقامت الأولى على حصن للمسلمين بخليج العقبة تحاصره، واتجهت الأخرى جنوباً تهاجم موانئ البحر على الشاطئين الأسيوي والأفريقي فأختل طريق الحج وأخذ الأسطول يطارد المسلمين في عقر ديارهم وعلى أمواج بحرهم، فأصبحوا تحت رحمة هذا الجبار، ولما وصل الخبر إلى مصر وكان بها الملك العادل أبو بكر نائباً عن أخيه السلطان صلاح الدين، بادر بإنشاء أسطول نقله إلى خليج السويس وسلم قيادته للحاجب حسام الدين لؤلؤ، فسار مجداً في طلب الفرنجه حتى أوقع بهم بعد أن امضوا شهوراً يجوبون البحر الأحمر إلى عدن وينزلون مقاتلتهم إلى ساحل الحجاز، فأحدثوا أموراً لم يسمع في الإسلام بمثلها حتى ذكر المؤرخون (أنهم توجهوا إلى المدينة النبوية فلم يبقى بينها وبينهم سوى مسيرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>