للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[١٧ - رحلة إلى الهند]

للدكتور عبد الوهاب عزام بك

وزير مصر المفوض لدى المملكة العربية السعودية

في مدينة لاهور

كانت بوادر الفتن والهرج منتشرة في أرجاء الهند، وكانت لفحات الصيف بين الحين والحين تؤذن باقتراب الصيف، وكان الوقت أضيق من أن يتسع للتجول في أرجاء الهند وإجابة دعوات لزيارة كلكتا بل ما هو أقرب منها مثل لكهنو وديوبند، والله آباد؛ ولكن مدينة واحدة كانت تدعوني دعوة لا أستطيع ردَّها؛ كانت مدينة لاهور مدينة الشاعر الخالد محمد إقبال توحي إلىَّ كل حين أن أزور دار الشاعر وقبره. وكان إعجابي بالرجل وحبي إياه يقضيان بأن أذهب إلى لاهور مهما يضق الوقت وتكثر العوائق. ولم أجز لنفسي قط أن آتي إلى الهند وأرجع دون أن أزور قبر إقبال وداره في لاهور.

عزمت على السفر إلى لاهور ورأيت أن أهدي إلى مزار الشاعر الفيلسوف هدية من الشعر فنظمت أبياتاً وكلفت نقاشاً أن ينقشها على لوح من الرخام.

ويوم الاثنين ٢٢ جمادى الأولى سنة ١٣١٦هـ (١٤ نيسان سنة ١٩٣٧)، ركبت القطار الذي يسمى (بريد الحدود) وكان موعد سفره من دهلي الساعة التاسعة فأخذت مكاني فيه وتأخر سفره نحو ساعة. وكان في المقصورة سريران أخذت أحدهما واحتل الثاني ضابط من السيك.

ولما أصبحنا نظرت فإذا منظر الأرض أنضر مما عهدت في الطريق بين دهلي وأجرا. واجتاز القطار جسوراً عدة فوق أنهار. ورأيت محطات القطار أكبر وأعمر والناس أصح وأنظف. فقلت إنه إقليم البنجاب الذي تجري فيه روافد نهر السند الخمسة. وهو معروف بجودة هوائه وقوة أهله وغناهم.

وبعد الساعة التاسعة من الصباح وقف القطار على أمرِ تْسار مدينة السيك المقدسة. ولولا الاضطراب لزرتها. وقد حدثني رفيقي الضابط وهو يستعد للنزول في أمر تسار بما فيها من هيج بين المسلمين والسيك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>