هذه قصة (المشكلة) التي قل ما تخلو دار مصر في الشام. . .
(ع)
للأستاذ علي الطنطاوي
قال: إن لدي قصة احب أن أقصها عليك، وإنك لتعلم أني لست ممن يؤلف القصص، ولست ممن يحسن الاستعارة والتشبيه وسائر أبواب المجاز التي تعلمنا أسماءها في المدرسة، فلا تأمل أن تسمع مني قصة أدبية معقودة من وسطها بعقدة فنية، مردودة الأول على الأخر، فيها الصورة النادرة، والفكرة المبتكرة، والأسلوب البارع، فليس عندي من ذلكشيء، وإنما هي واقعة أرويها كمار أيتها وسمعتها، وإن فيها لدرساً نافعاً لمن يرى الحياة مدرسة، فهو يدأب على الاستفادة منها والانتفاع بها، فهل تحب أن تسمعها؟
قلت نعم
قال: لا أدري من أين أبدا القصة لتجئ محكمة الوضع يرضى عنها أهل الأدب، فدعني أبدأها من نصفها، فما لك في أولها كبير نفع، وأن أولها ليلخص مع ذلك في كلمة، هي أن لي أقرباء أخوة ثلاثة شباباً عزاباً يقيمون مع أمهم العجوز التي ربتهم وقامت عليهم منذ تركهم لها أبوهم أيتاماً صغاراً، إذا كلت وهرمت، وعجزت عن خدمة الدار، ذهبوا يفتشون لها عن خادم تعينها، ولو فتشوا عن ثلاث زوجات لهم لكان ذلك أهون عليهم وأدنى إليهم، فلما طال التفتيش وزادت الحاجة، وجدوا بنتاً من (التواني) فقنعوا بها، وأن تعلم أن (التواني) قرية منزوية في حدود (القلمون) الأدنى، مما يلي (القطيفة) ضائعة بين تلك الأودية المقفرة والجبال، وأن أهلها من أقذر القروين وأجفاهم وأبعدهم عن المدينة، على صحة فيهم وجمال. وكانت بنتاً - كما يقولون - ذكية، فسرعان ما ألفتهم وألفوها، وأقامت فيهم سنين طويلة ما أنكروا منها شيئاً، ولم أرها أبداً على كثرة ما كنت أتردد على الدار، حتى كان اليوم الذي جعلته مبدأ قصتي هذه. . .
وكنت أزور أقربائي هؤلاء، فدعوني إلى الشاي، فإذا هي تدخل فتقدمه إلي، وإذا فتاة في