في اعتقادنا أن المحكمين في جائزة نوبل الأدبية والسلمية يلاحظون القضايا العالمية عند اختيار صاحب الجائزة، إذا لم يكن لها مرشح من طراز برناردشو وأناتول فرانس مترلنك ونظرائهم الذين يستحقونها بشهادة العالم قبل شهادة المحكمين
فقد كانت الجائزة من نصيب الكاتبة الأمريكية بيرل بك لأن القضية التي كانت تشغل الأذهان في السنة الماضية هي قضية الصين، وقد اشتهرت الكاتبة الأمريكية برواياتها الصينية العديدة حتى أوشكت أن تقصر على موضوعات الصين كل ما كتبت من الروايات والقصص والمقالات
وكانت الجائزة من نصيب (إيفان بونين) الروسي المهاجر إلى باريس هرباً من طغيان الشيوعيين يوم كانت قضية اليوم هي قضية الحرب بين الحرية والشيوعية وبين عقائد النور وعقائد الظلام في روسيا الحمراء
وقد أصابت الجائزة هذا العام أديباً فنلندياً لم يظهر شأنه قبل ذاك في أمم أوربا الغربية على الخصوص لأن قضية فنلندة هي قضية السلم والحرية وقضية الجهاد النبيل في هذه الأوقات
ومن السهل أن نقرن قبل ذلك بين أصحاب الجوائز وبين القضايا الإنسانية التي نجمت في الهند أو في أيرلندة أو في إيطاليا أو في بولونيا أو في ألمانيا، ولا سيما جائزة السلم التي أصابت كارل فون أوسيتزكي ولم تصل إليه، لأنه كان في قبضة النازيين
ولا غبار عندنا على هذا الميزان وإن لم يكن من موازين الأدب الخالص والنقد المجرد، لأن الجائزة المبذولة إنما هي قبل كل شيء جائزة السلم والمروءة، ولا ضير في الجمع بها بين الاعتراف للأديب الذي ينالها والاعتراف للقضية التي يرتبط بها ذلك الأديب إما ارتباط الموطن أو ارتباط المذهب أو ارتباط العقيدة الاجتماعية
وعلى هذا المعنى لا نرى في هذا العام من هو أحق بها من أدب فنلندة (فراتز إبميل سيلانبا) إذا اجتمع استحقاقه إلى استحقاق أمته للتنويه والتشجيع
ونقول هذا لأننا لم نقرأ للكاتب الفنلندي شيئاً من الكتب والروايات قبل ذيوع اسمه لتلك