[من محاسن التشريع الإسلامي]
للأستاذ حسن أحمد الخطيب
- ١٠ -
جعله العرف قاعدة وأساساً للتشريع
من مزايا الشريعة الإسلامية ومحاسنها أنها جعلت العرف أساساً من أسس التشريع إذا لم يخالف
نصاً صريحاً - على ما سنبين - حتى جعل الفقهاء الإسلاميون العرف والعادة قاعدة من قواعدهم، بنوا عليها كثيراً من أحكام الفروع الفقهية، وجرت على ألسنتهم في عبارات مختلفة لفظاً، متقاربة مآلا ومعنى، فقالوا: (العادة مُحَكَّمة، والمعروف كالمشروط، والمعروف عرفا كالمشروط شرطاً)، وفي المبسوط (الثابت بالمعروف كالثابت بالنص)، وفي الجزء الثاني من رد المختار للعلامة ابن عابدين:
والعرف في الشرع له اعتبار ... لذا عليه الحكم قد يُدار
وفي الجزء الخامس منه في مبحث تحديد سن البلوغ للغلام والجارية: (العادة إحدى الحجج الشرعية فيما لا نص فيه)،
وإنما تعتبر العادة والعرف مرجعاً تبنى عليه الأحكام بشروط ثلاثة:
الأول - ألا يخالف العرف نصاً صريحاً.
الثاني - أن يكون العرف عاماً، فالحكم العام لا يثبت بالعرف الخاص، كتعارف أهل بلد واحد، أو تعارف خواص أهل جهة دون عامتها، فإن التعارف لا يثبت بهذا القدر، وقيل يثبت به، ولكن المعول عليه عدم اعتبار العرف الخاص، وإن أفتى بعضهم باعتباره.
الثالث - إذا اطردت العادة وغلبت.
ولكثرة الفروع والأحكام التي بنيت على تلك القاعدة - نجتزئ بذكر الأمثلة:
١ - ألفاظ الواقفين نبتني على عرفهم، وكذا لفظ الناذر والحالف.
٢ - قال بعض الفقهاء في حد الماء الجاري: هو ما يعده العرف جاريا.
٣ - وقالوا في الحيض والنفاس إذا زاد الدم على أكثر مدة الحيض أو النفاس - ترد المرأة