للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى أيام عدتها.

٤ - وأجازوا استئجار الظئر بطعامها وكسوتها على المستأجر وإن كان مجهولا للعرف.

٥ - ومن ذلك أيضاً ما ذهب إليه أهل المدينة في الدعاوى، فقد جعلوها على ثلاث مراتب:

الأولى - دعوى يشهد لها العرف بأنها تشبه أن تكون حقاً، وهذه تسمع من مدعيها، وله إقامة البينة، أو استحلاف المدعى عليه:

الثانية - ما يشهد العرف بأنها لا تشبه ذلك، وإلا أنه لا يقتضي بكذبها - كما إذا ادعى شخص على رجل ولا معرفة بينهما البتة، وأنه أقرضه أو باعه شيئاً بثمن في ذمته إلى أجل - فهذه الدعوى تسمع، ولمدعيها أن يقيم البينة، ولكنهم قالوا إنه لا يملك استحلاف المدعى عليه على نفيها إلا بإثبات خلطة بينه وبين المدعى عليه.

الثالثة - دعوى يقضي العرف بكذبها، فلا تسمع، ولهذه أمثلة كثيرة، منها أن تأتي المرأة بعد سنين متطاولة، تدعي على زوجها أنه لم يكسها في شتاء ولا صيف، ولا أنفق عليها شيئاً فهذه الدعوى لا تسمع، لتكذيب العرف العادة بها، ولا سيما إذا كانت المرأة فقيرة، وكان الزوج موسراً

٦ - يقبل قول الوصي فيما ينفقه على اليتيم إذا ادعى ما يقتضيه العرف، فإذا ادعى أكثر من ذلك لم يقبل قوله.

٧ - قال أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة يحكم ببلوغ الغلام والجارية إذا بلغا خمس عشرة سنة - عند عدم ظهور إمارات البلوغ - وبه قالت الأئمة الثلاثة، وعللوا ذلك بأنه العادة الغالبة على أهل زمانهم.

والأصل في وضع هذا الأساس وتقرير تلك القاعدة قوله عليه الصلاة والسلام: (ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن)؛ قال العلائي لم أجده مرفوعاً، وإنما هو من قول عبد الله ابن مسعود، فقد روى عنه الإمام أحمد وغيره: (إن الله نظر في قلوب العباد، فرأى قلب محمد خير قلوب العباد، فاختاره لرسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعده، فرأى قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاختارهم لصحبته، فما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو عند الله قبيح)، وقال شهاب الدين القافي: إن الأحكام تجري مع العرف والعادة، وينتقل الفقه بانتقالها، ومن جهل المفتي جموده على المنصوص في

<<  <  ج:
ص:  >  >>