هذا وإنك لتدهش حقاً حينما تطلع على كثرة المسائل الفقهية، والأحكام التشريعية التي بناها علماء التشريع الإسلامي على العرف والعادة، إذ اعتبروهما أساساً من أسس التشريع بالشروط التي أسلفناها، ولكن لا يلبث دهشك أن يزول إذا علمت أن القانون الصالح هو الذي تراعى فيه أحوال الأمة الاجتماعية والاقتصادية، وعاداتها العامة، على ألا يكون في ذلك إقرار مفسدة، أو تعطيل مصلحة، ومن جهة أخرى، فان النزع من العادة الظاهرة، وإقصاء الناس عن العرف العام - في غير حاجة ولا ضرورة - فيه حرج لهم، ولا شك أن أصلح الشرائع، وأجدرها بالبقاء ما روعي فيها اليسر، وانتفى منها الحرج والعسر، وذلك ما تحقق في شريعة الإسلام.