للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الشيخ الأعزب

للأديب لبيب السعيد

في صدر أيامه لم يطاوعه طموحه على الزواج من ابنة عمه؛ بداله يومئذ أنه خليق بالفرار من بيئته إلى بيئة أعلى وأقدر.

ولما قيل له: بنت فلان أشهر تاجر في الحي مهذبة وجميلة، رأى أن آماله أسمى أيضاً من هذه البنت وأبيها، ورأى قدْرته أجدرَ أن تُنيله نسباً أجلً. . .

وأحس أن آمال كثيرات من صبايا الحيّ وذويهنّ تترامى إليه، لأنه موظف في الحكومة بخمسة عشر جنيهاً، والموظفون الماثلون من أبناء الحيّ آحاد، فزهاه ذلك وسره، ولكنه ظل على طموحه وعلى اعتقاده في إمكان إحراز زوجة غنية جداً من أسرة بارزة جدّاً، يتسامى بها في الوظيفة، ويواري في غناها فقره، ويجبر بجاه أبيها وذويها صدعة. . .

كان يأمل في زواج الغنية ذات الجاه دنيا سعيدة: دنيا خالها يرف عليها الروح والريحان، وتنتشر على مدارجها الزهور الضواحك

ومضت من عمره أربعون سنة. . .

وعرف عندئذ الهدف الذي ينبغي له - فيما يعتقد - الرمي إليه. . . عرف (حنيفة) بنت (أمجد باشا)، فعرف فتنةً ضلْ في تيهها فكرة. . . لقد رأى زواجه منها معراجاً إلى كل الغنى والشرف، وحلم سريعاً في قهر أعدائه من الأقارب وزملاء الديوان، ومواجهتهم بأنسباء يشرّفون، وأستحضر في خاطره ما سيلقي من سعادة حين يذكر اسمه إلى جانب اسم (أمجد باشا) وود من كل قلبه لم تمت الخِطبة حالاً، ونُشر اسمه واسم الباشا معاً ولو في إعلان وفاة!

وترقرق في صدره الأمل، فأذاع بالأمر لبعض خاصّته، وشاع لوضوعه ذكر.

ولكن (أمجد باشا) استمهل معتذراً، ثم ماطله غير مكترث، ثم ترامى عنه أنه يأبى هذا الزواج، لأن (أميناً) ليس من طبقته، ولأنه لم يستوف طَلِبَةَ فتاته من الغنى والمنزلة والوسامة.

وصدم هذا الفرض (أميناً)، ولكنه رأى أن لا بد من عدم التخاذل، وعزم ليستأسرن من أيَّ

<<  <  ج:
ص:  >  >>