[ليلة الزورق]
لعبد العزيز أفندي عتيق
حينما ذَهَّب الأصيلُ مياه الني ... ل، واختال في الرياض جميلا
أبصرتني أطوف حول حِماها ... سادرَ الخطوِ، حائراً، مخبولا
هتفتْ بي: إليّ يا صاح أقبلْ ... أنا مَن قد بحثت عنها طويلا
ذاك وكرُ الهوى، ألستَ تراه ... مثلما كان شاعرياً ظليلا؟
ذاك روضي، فقرَّ عيناً ونفساً=يا حبيبي، واجلسْ إليَّ قليلا
واسقني بالجمال والسحر شعراً ... شفقياً يُميت مني الغليلا
كيف جانيتَ روضكَ الفينانا ... أتسلّيتَ؟ أم نسيت المكانا؟
كلما طفتُ بالمكان أثارتْ=وقفاتُ الوداع مّني الحنانا
وأرى القلب في غيابك أمسى ... يا حبيبي موزّعاً حيرانا
أيها الغائب الذي خالط القل ... ب هواه، تعال نحي هوانا
خُذْ ذراعي إلى ذراعك واصعدْ ... ربوةَ الأمس، واسقني الألحانا
رُبَّ ليلٍ سهرتُه أتقّلى ... فيه وحدي، وأشتكي الحرمانا!
ها هو النايُ حالماً بالأغاني ... فأعِدْها سحرّيةَ الأنغام
ها هو الناي يا حبيب فؤادي ... غنّ للحِب، للنفوس الظوامي
فاذا ما شُغلتُ عنكَ بنفسي ... وبما هاج من هوى وضرام
فدعِ النايَ جانباً، وأدِرهْا ... قُبُلاتٍ من ثغركَ البسّام
ودع الربوةَ السحيقة تخفي ... أثرينا عن أعين الأقوام
ولنعش ها هنا كما نتمنى ... للأغاني، للحب، للالهام
وانظر الشمس! هل شجتك اختلاجاً ... وهي تخطو إلى الفناء السريع؟
كم أضاءت وجددت من الحياة ... وتجلت في كل أفق وسيع
ثم همَّتْ فليس في الكون إلا ... نائحٌ في مواكب التشيع
يا حبيبي خلِّ الوقارَ وهيا ... نوقظ اللهو بعد طول هجوع
بالأغاني، وبالحديث، وبالشع ... ر، وبالسحر، والهوى والدموع