للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[توماس كارليل ١٧٩٥ - ١٨٨١م]

بقلم عبد الكريم الناصري

- ١ -

(العبقرية الحق، هي التي تعمل ولا تشبع، وتجد في الألم لذة، وفي الموت من أجل العمل حياة، ولا تحسب يوماً أنها وجدت ما تنشده وتصبو إليه!. .)

(العبقرية الحق، هي التي تخلق وتنشئ، وتنظر دائماً إلى الممكن والى المستقبل؛ هي باذرة بذور الخير والحب والطيبة والجمال في الوجود، والطامحة دائماً إلى ألحسن، والآخذة بالناس من الظلمات إلى النور، ومن العبودية إلى الحرية. ويخلد العبقري بقدر ما تترك رسالته من أثر على وجه البسيطة؛ فكلما كانت رسالة العبقري إنسانية، كالإعجاب بها شديداً والثناء عليها قوياً.)

ولد توماس كارليل في قرية (اكلفكان) - بأقليم أناندال - بجنوبي اسكوتلندة، في تشرين سنة ١٧٩٥. وكان أبوه بنّاء، وهو الذي بنى البيت الذي ولد فيه ابنه؛ وكان صلب الرأي، ميَّالاً إلى الجد والعمل. أما أمُّه فكانت امرأة صالحة حنوناً طيبة القلب. أدخله والده - أول الأمر - في مدرسة القرية، فتلقى فيها مبادئ العلوم، ثم في مدرسة قرية (نان). ولما بلغ الثالثة عشرة من عمره دخل جامعة ادنبرج. وفي سنة ١٨١٤ عينّ مدرساً للرياضة بمدرسة أمان. وكان قد بلغ التاسعة عشرة من عمره. ولم تمض عليه ثلاث سنواتٍ حتى صار رئيس مدرسةٍ ببلدة (كركالدي).

وفي سنة ١٨١٨ ترك حرفة التعليم متبرماً بها، ساخطاً على المنتسبين إليها؛ وذهب إلى ادنبرج باحثاً عن عمل يعيش منه؛ ودرس هناك علم المعادن الذي أفاده فائدة كبيرة إذا اضطره إلى تعلم الألمانية (التي كانت من أسباب ظهوره ورفعته.) مع أنه كان يمقته مقتاً شديداً. وكان يتقن الفرنسية أيضاً ويترجم عنها مقالات علمية فيتكسب من ذلك. . .

- ٢ -

. . . اجتمعت في كارليل صفات أبيه وأمه ورث عن أبيه صلابة الرأي، ومضاء العزم، وخصب الخيال، وقوة التصور؛ وورث عن أمه دماثة الخلق، وسلامة النية، وطيبة القلب،

<<  <  ج:
ص:  >  >>