[يا ابنة الشارع. . .!]
للأستاذ كامل محمود حبيب
على رسلك، يا ابنة الشارع، وادفني حزازات صدرك إن أنا انطويت عنك، فلقد لمستُ خواطرك أشياء جذبتني عنك
إن التاريخ قلبينا ابتدأ في الشارع، وشب واشتد في الشارع، وتوثقت بيننا أواصر الحب تحت شجرة وارفة في روضة أنف
ولج بنا الهوى فتساقينا أكؤسه على حيد الطريق تحت ستر الظلام في (الجزيرة) و (الزمالك) و. . . حيث لا حس ولا حركة
وصحوت - يا من أحب - من غفوتي، فإذا أنا إنسان تريدين أن تنفثي فيه روح الذئب. وأحسست مرارة تلك الخلس تتفجر في قلبي، فعزفت عنها
ثم أردتُ وأردتِ، فانطلقت إلى أبيك أحدثه حديث زواجي منك فما تمهل، وإلى أمك فشاعت النشوة في مفاصلها، وأنتِ تمهدين الطريق؛ فسميت على. . .
غير أني انطويت عنك حين لمست في خواطرك أشياء جذبتني عنك، فلا تحقدي علي، يا ابنة الشارع
ولما خرجت إلى الشارع - أول ما خرجت - أخذ زخرفه وازين وتلقاك في ابتسامة حلوة رقيقة؛ لأنك كنت زهرته اليانعة النضيرة، ونوره المتلألئ الوضاح
ورآك الشاب - أول ما رآك - فانبسطت أساريره، وأفسح لك من رقته مكاناً سامياً
وتيارى الشارع والشاب، كل منهما يحتفل بك فنوناً، وفي رأيه أنها ساعة من زمان، ثم ينقلب الطائر الغريد إلى وكره
ولكن شيطانيتك الثائرة أبت أن تلم من نفسها، فاندفعت إلى شر غاية حين سَركِ أن تغترقي الطرف وتسيطري على القلب
واستشعر الشارع فيك عاره فراح يقذف بك من جانب إلى جانب في بغض وكراهية، وعبث بك الشاب حين رأى فيك لهو نفسه وشغل فراغه، على حين قد أغضيتِ أنتِ
وحاولت أن أدرك عن غوايتك فأغلقت من دون حديثي مسمعيك، فانطويت عنك، فلا تحقدي عليّ، يا ابنة الشارع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute