جاءني أيها الأخ العزيز بضعة وعشرون رسالة من طراز رسالتك التي تكرمت مجلة الرسالة بنشرها في عدد ١٥ نوفمبر الحالي صفحة ١٣٠٦، وقد تفضل كاتبوها كما تفضلت وأسبغوا على من ثنائهم الكريم ما أغرقني في بحر من خجل. بعضهم كتبوا إلي عن يد الرسالة وبعضهم كتبوا إلي رأساً. ولم أشأ أن أنشر رسائلهم لئلا يؤخذ على أني أطنطن بخدمة عربية هي واجبة علي كالخدمة العسكرية. ولو كنت في شرخ السباب خالياً من المسؤولية لحملت بندقيتي ومشيت وراء المثل الأعلى الأستاذ أحمد حسين رئيس حزب مصر الفتاة مع المتطوعين ممن قادهم إلى ساحة القتال يوم توالت الخطب في الجامع وكانت خطبته كلمتين:(ليست خطبتي إلا أن بندقيتي وأمضي إلى الميدان فمن شاء أن يتبعني فهلم).
وقد سمعت الأستاذ أحمد حسين غير مرة يخطب فما خيرت عنه المغفور له مصطفى باشا كامل. ولكن هاتين الكلمتين اللتين خطبها في الجامع كانتا أوقع في نفوس السامعين.
ولو لم أكن قد بلغت من العمر عتياً، ولم يبق الوهن في جسدي من القوة شيئاً، لحملت بندقيتي وجريت وراء الأستاذ طائعاً مجاهداً رضياً، وإنما ترك لي الوهن قلباً سوياً، يهز قلماً عربياً يزلزل لواء صهيونياً، ويدك عرشاً إزرائيلياً.
ولكن يظهر يا عزيزي أن مهاجمة الصهيونية لم تعد نافعة بل صار من الواجب (مواخزة)(من الوخز) الجامعة العربية عسى أن تتدارك الموقف وقد صار روياً، إن الله كان بعباده المؤمنين مخلصاً وفياً.
نقولا الحداد
حول سوداء وسودا:
جاءني في (البريد الأدبي) تعقيب على كلمة كتبها الأستاذ محمد محي الدين عبد الحميد المفتش بالأزهر حول نصب (سود) صفة (لحلوبة) في بيت عنترة:
فيه اثنتان وأربعون حلوبة ... سودا كخافية الغراب الأسحم