لم يكن العرب بمعزل عن الحضارات التي أحاطت ببلادهم، بل كانوا على اتصال وثيق بها، في الأخذ والعطاء. على أن الرمال السوافي، والجبال الرواسي، والبطاح المترامية، لم نحجب عن العرب أصداء الفرس والروم والأحباش والهنود والسريان والمصريين.
ويخطئ من يظن أن العرب لم يحتفلوا بالألعاب الرياضية احتفال الرومان والفرس بها. وفي الحق أن العرب عنوا بالرياضة لا باعتبارها لهوا ولعبا؛ ولكن على أنها تربية ذات طابع قومي، ونهج واضح، وغاية رفيعة.
والتراث العربي حافل بهذا اللون من التربية، سواء في كتاب الله، وسنة رسوله، ودواوين الشعراء، والقواميس والمعاجم، مما أضاف إلى الحضارة العربية ثروة جديدة ذات قيمة نادرة، وإن كان الدارسون منا ومن المستشرقين لم يلمسوا هذه الزاوية في قليل أو كثير، إلا أنها لا تقل أهمية عن مظاهر هذه الحضارة التي نعتز بإذاعتها في الناس.
ولنذكر أولا في هذا البحث الألعاب المشهورة عند العرب ليقف القارئ البصير على مقدار نفعها البدني، وغايتها في تربية الفرد وأثرها في المجتمع، ولنا بعد ذلك وقفة عند موقف الإسلام الحنيف من هذه الألعاب التي نستخرجها من كتب اللغة والأدب والسيرة ونذكر منها:
المفايلة: لعبة لفتيان العرب يخبئون الشيء في التراب ثم يقسمونه فإذا أخطأ المخطئ قيل له فال رأيك.
الجثة: تشبه المفايلة هي أن يختبئ الصبيان شيئا تحت التراب ثم يصدع صدعين ثم يضرب أحدهم بيده على أحدهما أو على بعضه؛ فإن قبض على الخبء فيه قمر.
عظم وضاح: لعبة الصبيان بالليل وهي أن يأخذوا عظما أبيض شديد البياض فيلقوه ثم يتفرقوا في طلبه فمن وجده منهم ركب أصحابه.
خراج: يمسك أحدهم شيئا بيده ويقول لسائرهم اخرجوا ما في يدي.