للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شعراء معاصرون]

العاطفة الدينية في شعر محرم

للشيخ محمد رجب البيوتي

- ١ -

منذ انتقل إلى جوار ربه الشاعر الكبير المغفور له الأستاذ أحمد محرم وأنا أشعر بحماس يدفعني إلى الكتابة عن عاطفته الدينية، فقد قرأت الكثير من روائعه المبدعة، فلمست فيها روحا حية متوثبة، وكان للنغم الساحر الذي تردده قيثارة الشاعر روعة عجيبة، فهو يرتفع بالقارئ إلى أفق رحب فسيح ترفرف فيه أجنحة الفضيلة والعزة، ويذكره بما كان للأمة العربية في عهدها الغابر من مجد باذخ قامت دعائمه على البسالة والكرامة فيحرك العاطفة ويوقظ الشعور. . .

والحق أن دراسة محرم رحمة الله من ألزم اللوازم في عصر ماجن ما جن مستهتر، فقد عصفت برءوس بعض الشعراء قي الشرق والغرب فوازع خبيثة تدفعهم إلى الفوضى الخليقة والتحلل الإباحي، زاعمين أن الشاعر الحق هو الذي ينساب وراء غرائزه وميوله، وأن العبقرية توقع صاحبها في مزالق مريبة، بل إن منهم من يتعمد الوقوع في البغي ليكون أحد هؤلاء العباقرة المتحللين!! وكم جر الاستعمار الغاشم على أبناء الشرق فضائحه ومخازيه، فزين له الخبيث، وبغض إليهم الحسن الجميل!.

نشأ الشاعر في بيت ريفي متدين فقد كان والده حريصا على تثقيفه وتهذيبه، فأحظر له في دور الطفولة من قام بإرشاده وتوجيهه فحفظ القرآن الكريم ودرس النحو والعروض واللغة، وأكب على استظهار النصوص الأدبية، ففتحت أكمام شاعريته الغضة، وبدأ يتغنى بمقطوعات بدائية تبنى عن ملكة واستعداد، وقد اتجه بنوع خاص إلى الثقافة الدينية فقرأ الحديث الشريف، وطالع السيرة المطهرة ودرس التاريخ الإسلامي المجيد، ثم عكف على قراءة الصحف والمجلات فألم إلماما مفيدا بسياسة أمته ووطنه، وشاهد في معية صباه ما يدبره المستعمرون من مكايد خاتلة للعالم الإسلامي، فتأوه لمصباح الفادح، وأطلق لشاعريته العنان فتغنى بمجد الإسلام وحث على استرجاع ما فقده الشرق من عظمة شاهقة وجاه

<<  <  ج:
ص:  >  >>