في العالم العربي نهضة لاشك فيها، أخص خصائصها عندي الإقبال على القراءة؛ فالرغبة في المعرفة هي الرغبة في الحياة، وما يغلق إنسان على نفسه أبواب المعرفة إلا وقد خمدت فيها جذوة الحياة، فلم تعد في حاجة إلى (الأوكسجين) الذي يجدد اشتغالها
وآية الإقبال على القراءة هي الإقبال على النشر الذي نلحظه في هذه الأيام في جميع البلاد العربية. والإقبال على النشر يدعو إلى الإقبال على التأليف. فما ينشط المؤلف أكثر من أن يحس أن هناك ناشراً يترقب ما تخرجه يداه، وأن من وراء الناشر قارئاً يتلقف ما تخرجه المطبعة!
وأياً كانت الأسباب التي بعثت هذه الحركة , فهي بشير خير على كل حل. وحين نجرد الحركة من الأسباب الطارئة مع الحرب فأننا نجد وراءها سبباً أصيلا هاماً، هو يقظة الشعوب العربية وتطلعها إلى مستقبل خير من الحاضر، مستقبل تتهيأ له بالمعرفة، ويشوقها ما فيه من حيوية وازدهار
أقول هذا بمناسبة ظهور سلسلة أدبية جديدة في (بيروت) تضطلع بها دار (الأديب)، وظهور سلسلة من قبلها في (دمشق) تخرجها (دار اليقظة العربية) اتباعاً للسلاسل التي تصدرها مصر: سلسلة أقرأ. وسلسلة أعلام الإسلام. وسلسلة النشر للجامعيين. وسلسلة كتب الشهر لدار إحياء الكتب العربية. . . وكل هذا بجانب الكتب الفردية للمؤلفين الكثيرين هذا بشير نهضة نرجو أن تظل في اندفاعها البعيد!
(وسارق النار) هي الحلقة الثانية من سلسلة (الأديب) ببيروت. ويهمني أن أكتب عنها! فإخواننا الشرقيون دائمو العتب علينا لأننا - كما يقولون - لا نحفل مؤلفاتهم، ولا نلتفت إلى نهضتهم. وذلك في الوقت الذي يعيبنا أن نحصل على هذه المؤلفات، أو أن نقف على أسباب النهضة لأنها لا تصل إلينا إلا في الحين بعد الحين، وبعد مشقة وعسر، حين