جاءنا من الأستاذ كامل السيد شاهين رد على رد الأستاذ أحمد الشرباصي لا تلائم لهجته طبيعة الصداقة والزمالة بين الأستاذين الفاضلين، فرأينا أن نطويه معتذرين، إبقاء على المودة واكتفاء بما نشر
دعابة إلى الأستاذ علي الطنطاوي
ما يمنعك يا سيدي من أن ترحل على بعير، أو تقيم في خباء. . ما دمت تود مناجاة الرمال، ومرافقة الوحشة ثلاثة أشهر تنفقها في سخاء بين (دمشق) و (بغداد) فما الذي يقف حجاز بينك وبين ما تريد؟
لقد طوت المدينة الحديثة الأبعاد الفسيحة، كما تطوى اليد الكبيرة السفر الصغير، حتى جمعت العالم حول مائدة، وإذا كانت الدنيا اليوم بين فكي صداع، تلوكها أنياب التهديد والوعيد، فأن البشر لعلى أمل كبير في انتصار السلام، ما دامت دعوات (العلمية) تلقي النصير في (المواطن العالمي) ويذهب المؤمنون بالإنسان من المتفائلين - وهي خصلة نبوية، إلى أن زمانا ستبزغ شمسه، فيه تموت لغة الإقليم، وتحيي لغة (الإنسان) ولكنك - يا سيدي - تبغي رجعة إلى عهد طفل، تقطع رحلته بين بلدين متجاورين في شتاء أو صيف، وتتكلم فيه القبيلة بلغة، بينما تتحدث أختها في أرضها، وتحت شمسها يقول (البعد جفاء) ولا شك أن زمنا يقاس فيه الوقت بالصوت والنور؛ خير من زمن يرخص الوقت فيه حتى يقاس بالمبهم كالحين والدهر.
إن ما يدعو إلى العجب فيكم يا معشر الواعضين أن يقف الواحد منكم يغمره وهج (الكهرباء) وينشر كلمة على الناس (الميكرفون) ثم لا يعلو صوته إلا بصب اللعنات فوق رأس الحضارة الناهضة، كان الحضارة كثيب من ذر لا يلبث أن يطير من نفخ الهواء؛ أو كأن حكم العاطفة المرتجلة، والشعور المتقلب، افضل من سيادة العقل، وتجربة (المعمل)