[طارق بن زياد]
من شاطئ إلى شاطئ
للأستاذ علي محمود طه
أشباحُ جِنٍّ فوق صدرِ الماءِ ... تهفو بأجنحةٍ من الظلماءِ؟
أم تلك عُقبَان السماءِ وَثَبْنَ من ... قُنَنِ الجبالِ على الْخضمِّ النائي
لا، بل سفينٌ لحْنَ تحت لواءِ ... لمن السفينُ تُرَى! وأيُّ لواءِ؟
ومَن الفتى الجَّبارُ تحت شراعها ... متربِّصا بالموج والأنواءِ؟
يُعلى بقبضتِه حمائلَ سيفهِ ... ويضمُّ تحت الليل فضلَ رداءِ
ويُنيلُ ضوَء النجم عاليَ جبهةٍ ... من وَسْمِ (إفريقيَّة) السمراء
ذَهَبٌ ببوتقةِ السَّنى من ذَوْبِه ... مَسَحَتْ مُحَيَّاهُ يَدُ الصحراء
لونٌ جَلَتْ فيِه الصحارى سحرَها ... تحت النجوم الغُرّ والأنداء
وسماءِ بحرٍ ما تطامنَ موجُهُ ... من قبلُ لأبنِ الواحةِ العذراء
بحرٌ أساطيلُ الخيالِ شطوطهُ ... ومسابُح الإلهامِ والإيحاء
ومدائنٌ سحريةٌ شارَفْنَهُ ... بنخيلها وضفافِها الخضراء
ومعابِدٌ شُمٌّ، وآلهةٌ على ... سُفُنٍ ذواهبَ بينهنَّ جوائي
أبطالُ يونان على أمواجه ... يطوون كلَّ مفازةٍ وفضاء
يتجاذبون الغارَ تحت سمائهِ ... يتناشدون ملاحمَ الشعراء
ما زالَ يرمي الرُّومَ وهو سليلُهم ... ويُديلُ من (قرطاجة) العصماء
حتى طَلَعْتَ به فكنتَ حديثَه ... عجباً! وَأيَّ عجائبِ الأنباء
ويسائلونَ بك البروقَ لوامعاً ... والموجَ في الأزبادِ والإرغاء
من علَّم البَدوِيَّ نّشْرَ شراعِهِ ... وهداهُ للإبحارِ والإرساء!
أين القفارُ من البحارِ؟ وأين من ... جِنَّ الجبالِ عرائسُ الدأماء
يا ابن الِقبابِ الحمرِ ويحك! من رمَى ... بكَ فوق هذى اللجَّةِ الزرقاء؟
تغزو بعينيك الفضاَء وخَلْفَهُ ... أفقٌ من الأحلامِ والأضواء
جُزُرٌ مُنَوَّرَةُ الثغورِ كأنها ... قطراتُ ضوء في حفافِ إناء