للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى الأستاذ الفاضل مصطفى صادق الرافعي]

المشكلة

للأديب أحمد الطاهر

لا فضل لي فيما اعرض من رأي في هذه المشكلة التي عرضت في (الرسالة) يوم الاثنين ليلة النصف من شعبان، بل الفضل لصاحبة (الجمال البائس) فيما أوحت به إليك من رأي في رجولة الرجل.

فإذا استوت للرجل رجولته فسبيل الحياة له يكون كما أراده الله أن يكون: خيراً، ويسراً. أما ما يلقى الرجال فيه مما يسمونه بأسماء تضاد الخير واليسر فمرجعه في أكثر الأحوال إلى أن الرجل لم تستو رجولته ولم تكمل. والنقص في الرجولة زيادة في الشقاء، وإذا لقي الرجل في سبيل الحياة نتوءاً يتعثر فيه ففي وجولته ثغرة قد قدت على قدر هذا النتوء.

ونعود إلى صاحب المشكلة - وفقه الله - فنمتحن رجولته فنجدها ناقصة من بعض نواحيها، سقيمة في بعضها الآخر؛ ولكن نقصها ليس مما يستعصي على الكمال، وسقمها ليس مما يحمل على اليأس في أي حال، فمشكلته ليست عسيرة والحمد لله شهد الفتى على نفسه فقال أن الرجل الجاثم في عقله هو غروره - يومئذ - وكبرياؤه يقع في الخطأ بعد الخطأ، ويأتي الحماقة بعد الحماقة؛ ونشأ صلب الرأي، معتداً بنفسه، إذا هم مضى، وإذا مضى لا يلوى، وما هو إلا أن يخطر له الخاطر فيركب رأسه. . .)

اللهم غفراً ورحمة لهذا الفتى!!

انه قد عرف عيب نفسه، ومن عرف عيبها وأصحر به فقد نهج السبيل إلى علاجها، وانه لواصل إلى غايته عاجلا أو آجلا، لا ينقصه إلا أن يذيقها مرارة الحق لتشفى بعد أن استساغت حلاوة الباطل فسقمت.

البلاء الذي لا يشبهه بلاء، والسقم الذي لا يرجى منه شفاء، هو أن يجهل الرجل عيب نفسه، أو يعلمه ناقصا يلتمس فيه الأسباب والعلل المبررة.

آما صاحبنا فكما نعلم من القصة: رجل فاضل مهذب ذو ميسرة، وبيته بيت فيه الدين والخلق والشهامة والنجدة؛ وبعض هذا فيما أرى كفيل بتيسير العلاج له برعاية الله التي لا تتخلى عن بيت فيه الدين. فان ضل واحد من أفراد هذا البيت، ففي قلبه من أثر الدين الذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>