بسط سلطانه على البيت منذ نشأته بقية صالحة يكشف عنها غطاؤها فتقود هذا القلب إلى الخير في عجلة أو وناء. فلندع رجل المشكلة الآن ولننظر إلى فتاتها.
هذه الفتاة التي سميت للفتى - سامحها الله - لِمَ أغلقت الباب في وجهه؟ لم يذكر لنا عارض المشكلة سبباً صريحاً لهذه الفعلة. على أن إدراك السبب ليس بعسير، فلقد نستطيع أن ندركه (بالاستنتاج والمقارنة)؛ فالفتاة الثانية التي عرفها صاحب المشكلة فاحبها لم تغلق في وجهه الباب لأنها كانت فتاة جذابة (أمسكت بإحدى يديها عنانه) فمضى قدما، فإذا التفت إلى الوراء قرأفي عينيها كلمات:((أتستطيع فرارا مني؟) فيقول: (لا) ويمضي. . . (ثم يلتصق بجسمها) فتسرى منها إلى قلبه رسالة يقرؤها بقلبه المريض، فإذا هي:(الدنيا كلها هنا). . . .
هذا شانها، وما احسب أن من ظالم الأحكام أن نصف الفتاة بان في حياتها لينا ورخاوة، ولذا لم تغلق في وجهه الباب وهي لم تصبح زوجا له بعد. ولا أحسب أن الفتاة الأولى قد أغلقت الباب إلا لان في حياتها شدة واستمساكا.
إلا فاعلم يا صاحب المشكلة، أن حياء المرأة إذا أصيب باللين والرخاوة ثغر فيه الشيطان ثغرة يجلس على بابها ويصيح:(هلموا أيها الفتيان!) وسرعان ما يستجيب الفتيان لصيحة الشيطان. واعلم وقاك الله أن هذه الفتاة التي فتحت لك الباب أن تزوجتها فستتزوج معها الشيطان الجاثم على ثغرة حيائها وسينضم إلى شيطانك فتصبح بين ثلاثة: امرأة وشيطانين! وأنت واحد! وستكون بين أمرين أحلاهما مر: آما أن يأتمر بك الشيطانان فيوسعا في ثغرة حياتها حتى يدخل فيها غيرك من الفتيان. وإما أن تضيق أنت بما وسع الشيطانين أن يفعلا فتلجأ إلى ابغض الحلال إلى الله - الطلاق! وأدعو لك مرة أخرى: وقاك الله. على أن الشيطانين أن أعياهما صبرك أو سعة في حلمك دارا بوجهيهما إلى المرأة فصوراك لها بصورة بشعة قبيحة، وبذرا في قلبها حبا مراً اسود ينبت في القلوب المريضة فيثمر ثمراً مراً اسود يسمى البغضاء ويسمى الكراهية ويسمى المقت: ولا يزال هذا الثمر ينمو ويربو حتى ينضج ويستوي فلا يتسع له قلب المرأة فتحاول أن تجتثه من اصله فلا تستطيع، فتعمد إلى الزوج تحاول أن تجتثه، فان أفلحت فذلك ما أرادت وتستريح ويشقى الرجل شقاء المحروم من أهله، وإن لم تصبه أصابت شرفه ويشقى الرجل شقاء