[في سيدي بشر]
للأستاذ خليل شيبوب
سلوتُ أحلامي وآمالي ... فأكسبتني راحةَ السالي
وحينما عدتُ إلى العقل لم ... أجد بديَل الحال من حالي
ما قيمةُ العقل أراني به ... أهتاجُ بالتفكير بلبالي
إن الورى حربٌ على جانح ... كما يريدون إلى السَّلْم
كلاُمهم أسخفُ من صمتهم ... يجري على أَلسنةٍ عجْم
هذا وذا ويلٌ أَلا إنهم ... كالبَبَّغَاوات بلا فهْمِ
يا خلجات الصدر طال الأسى ... وطال هذا الدقُّ في صدري
إن كنتِ آليتِ لتحصينَ لي ... عمري لقد أَفسدتِ لي عمري
فعلتِ في صِدريَ بِالدقّ ما ... تفعله القطرةُ في الصخر
نزلتُ سيدي بشر مستشفياً ... مما بصدري من أَسىً نازِل
في جنة صَّيرتُها عُزْلةً ... ليس بها غيريَ من آهلِ
طريدةُ الجناتِ يثوى بها ... طريدُ هَمّ لازبٍ قاتِل
ينعشها البحرُ بأنسامِه ... تهبُّ والشاطئ منها بعيدْ
هنالك الأقوامُ قد آثروا ... عيشَ اصطهاب وزحامٍ عهيدْ
وهاهنا الأمنُ لمستنجدٍ ... بالأمن من ذاك الصراع العتيدْ
صحراءُ إلا أن واحلتها ... معروشة الأشجار بين الرمال
مِثْلَ بقايا الحبِّ في مهجة ... أحرَقها اليأسُ وكرُّ الليال
قد حَفلتْ بالحسن داراتُها ... واتسقتْ في صدرها كاللآل
تطيفُ بي منعرجاتُ اللوى ... كل كئيبٍ معقلٌ ناهضُ
والرمل معقودُ الثَّنَايا بِه ... يستمسك الرافعُ والخافضُ
أُلقى بجسمي فوقه متعباً ... يثورُ فيه قلبي النابضُ
قلبي أُداريه هنا عاكفاً ... عليه وهو الهادئ الوادع
أخشى عليه رجَعات الهوى ... إنَّ الهوى أَقْتَلُهُ الرايلّتزم الصَّمْتَ ولكنني=رَوَّعَ لبى صمتُهُ