[دعاء الملاح الحائر]
للأستاذ محمد خليفة التونسي
أيها الخابط في اليم اتئد ... قد توغلت، فهل تسمعني؟
يمم الشط، فما فيما تود ... راحة، آمنت أم لم تؤمن!
يمم الشط الذي منه أتيت ... تحظ بالراحة فيه والسكون
أنت - لا شك، إذا أوغلت - ميْت ... حيثما يبتلع اليم السفين
يمم الشط، ولا تخدع بما ... يتراءى لك في الأفق البعيد
تلك أوهام كِذَاب كلما ... زدت إيغالاً تراءت من جديد
تلك أوهام على اليم تلوح ... راقصات في جمالي الساحر
لا يراها غيري ذو القلب الطموح ... فيغاديها بعزم صابر
فإذا أوغل لم يظفر بما ... كان يرجو من نعيم وسلام
وهو - لا بد - سيفنى ندما ... إذ يرى اليم ظلاماً في ظلام
قد يريد المرء ما فيه دماره ... ولقد ينكر ما فيه علاه
من له - والغيب محجوب سراره ... عنه - أن يعرف ماذا منتهاه
أيها السادر في أحلامه ... لا تطاوع شهوة السبح اللجوج
آفة الإنسان في أوهامه ... وإذا شط الهوى عز الخروج
ما لهذا اليم حد ينتهي ... عنده، والسبح لا يجديك غنما
لا، ولن تلقى به ما تشتهي ... من منى أفنين أيامك هما.
يمم الشط، ودع ما يثقلك ... حسبك الشط، ففي الشط غناء
خير أوهامك وهم يحملك ... ويعزيك إذا عز العزاء
إنما دنياك لهو ولعب ... وهما أنفس ما يقني الرجال
فاله والعب طالما اسطعت تصب ... خير ما في وسع أبناء الزوال
(كوبري القبة)
محمد خليفة التونسي