للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من وثبات العبقرية]

نظام الضرائب في الإسلام

وهل روعي فيه الوضوح والملاءمة

للأستاذ علي حسين الوردي

لقد وضع الاقتصادي الأشهر آدم سميث، كما سبق ذكره، أربع قواعد يجب أن تتوفر في الضريبة الصالحة: هي العدل والاقتصاد والوضوح والملاءمة.

أما وقد انتهينا في مقالاتنا السابقة من بحث قاعدتي العدل والاقتصاد في الضريبة، فقد بقي علينا أن نأتي إلى موضوع الوضوح والملاءمة فيها.

قاعدة الوضوح

يريد العلماء بالوضوح في الضريبة أن تكون الضريبة معينة في مقدارها وزمان جبايتها ومكانها، بحيث يكون الناس على علم من ذلك كله فلا يبقى إذن مجال للزيادة والنقصان والتقديم والتأخير، مما يؤدي إلى إساءة الاستعمال والاختلاس والإرهاق، إذ يغتنم الجباة فرصة جهل الناس فيستخلصون منهم ما لاحق لهم به

والحكومات الحديثة تحرص على اتباع هذه القاعدة كل الحرص، فنجدها تنشر على الناس الميزانية العامة في رأس كل عام، وتحاول بكل وسيلة أن يطلع المكلفون على ما فرض عليهم من ضرائب لكي يعدوا أنفسهم وأعمالهم وأموالهم في سبيل ذلك، ولكي يعلموا بشيء من اليقين ما تزيد به الضريبة على كلفة الإنتاج وما ينبغي لهم من تقرير الأسعار وتهيئة العرض حسب الطلب المقبل.

ولقد قيل بهذه المناسبة إن القديم الخبيث من الضرائب خير من الطيب الجديد. ويريدون بهذا القول: أن الضريبة القديمة، مهما كانت سيئة، فقد عرفها الناس وتعودوا عليها منذ زمن طويل، ثم اطمئن المنتجون إلى آثارها فهم ينتجون بعد أن يضعوا مقدارها في حسابهم واضحاً معيناً. وإذا كان السعر من جرائها مرتفعاً علم المنتجون بما يستطيعون بها من بيع وما يأتيهم بعد ذلك من أرباح. وعلى هذا يكون ميزان العرض والطلب في الميدان الاقتصادي هادئاً، ومحتملاته المقبلة على شيء من الوضوح

<<  <  ج:
ص:  >  >>