منذ أعوام نشبت معركة أدبية بين الجامعة والأزهر حول نسبة الشعر الجاهلي، وكانت شعواء صاخبة جرفت إلى ميدانها كثيراً من رجال الفكر وأعلام الأدب، واتخذت من صفحات الصحف وردهات الأندية ميداناً واسعاً شاملاً، وعج عجيجها فاتصلت بالسياسة وكان لها حديث تحت قبة البرلمان كاد أن يطيح بوزارة، واتصلت بالدين فكان اتهام أمام النيابة واحتكام إلى القضاء؛ ومع هذا كله فقد انتهت تلك المعركة وما تركت إلا النقع يخنق النفوس، والغبار يقذى العيون، وبقيت نسبة الشعر الجاهلي كما هي خاوية لا تقوم على تحقيق ثابت، واهية لا ترتكز على بحث علمي صحيح، معقدة لا يجليها رأي مبتدع، مظلمة لا ينيرها فكر ثاقب
واليوم تنشب المعركة ثانية بين الأزهر والجامعة حول النحو وقواعده والنحاة وجهودهم. فالأستاذ إبراهيم مصطفى الأستاذ بكلية الآداب في كتابه (إحياء النحو) ينتقد النحويين في قصرهم مباحث النحو على الإعراب والبناء، دون أن يبحثوا خصائص الكلام من التقديم والتأخير، والنفي والاستفهام، والإثبات والتأكيد، ثم يرد على النحاة في زعمهم إن الإعراب أثر لفظي لا يؤدي معنى، ولا صلة له بتصوير المفهوم، وإثبات أن حركات الإعراب دوال على معان قصدت من الكلام، فالضمة علم الإسناد، والكسرة علم الإضافة، والفتحة علم الخفة، ثم هو ينتقد النحاة في زعمهم أن هذه الحركات اجتلبها العامل، وراح يثبت أن المتكلم هو الذي أحدثها، وخالفهم فذهب إلى أن التنوين علم التنكير، فلك في كل علم ألا تنونه
والأستاذ محمد عرفة الأستاذ بكلية اللغة العربية يرى في ذلك منكباً للقصد، وحيفاً على الحق، فوضع للرد عليه كتابه النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة) وهو يعتقد أن الأستاذ مصطفى قد نحل النحاة مذاهب لم يقولوها ونقدها وأبان خطلها، كما أنه قعَّد القواعد في