العربية لو أخذ الناس بها لغيرت من روح العربية ولأفضى ذلك إلى فهم كتاب الله وسنة رسوله على غير وجههما، حتى لقد عمم في الطعن ولم يخصص، فأدخل سيبويه وكتابه! يقول الأستاذ عرفة:(ولقد تمثلت هؤلاء النحاة وهم في أجداثهم يهضمون هذا الهضم بعد أن ملئوا الدنيا علما، ويحاف عليهم هذا الحيف وقد خرست ألسنتهم الناطقة، وإذ قد آلو إلى ما آلو إليه، فقد صار حتما على أبنائهم أن يردوا عنهم هذه التهم كما هو الواجب الإنساني، وواجب الأساتذة على أبنائهم الذين هذبوا عقولهم، ثم واجب اللغة العربية وواجب العلم في نفسه، وأخيراً واجب التلاميذ على أساتذتهم)
و (الفكرة) في كتاب الأستاذ عرفة هي مجاوبة للفكرة في كتاب (إحياء النحو)، فهو يرى أن النحو العربي في حاجة إلى تبسيط قواعده وعرضه بطريقة تقربه من طبيعة المتكلمين وتكشف عن سر العربية، ولكن على نمط قويم لا على ذلك النمط الذي انتهجه صاحب (إحياء النحو) فحاد به عن السداد، ولو ثبت لكان خطراً على اللغة العربية، وعلى فهم كتاب الله وسنة رسوله
ولقد أعجبني الأستاذ عرفة في ثبات جنانه فما اشتط في الخصومة، ولا جمح به القلم، فإذا هو مع خصمه من أول الكتاب إلى آخره على ما تقضى به كرامة العلم والخلق الحميد، عف الأسلوب، مهذب العبارة، نزيه الغرض، صريح في الحق، لا يختال صاحبه ولا يموه على قارئه؛ إن قسا فبالحجة، وإن احتكم فإلى النصوص المدونة والنقول الثابتة، وإلى العلم والمنطق
تلك هي معركة اليوم بين الجامعتين، وذلك هو مداها: أستاذ يهاجم وأستاذ يدافع الرأي، والحجة بالحجة، و (الكتاب)(بالكتاب)، وما نريد أن يزيد مدى المعركة على هذا الحد، ولا أن يخرج عن هذا الاعتبار، ولا نحب أن تتجاوز الأستاذين إلى غيرهما حتى ينتهيا إلى آخر الشوط، ويصلا إلى نتيجة ترضى الحق والعلم
أما الآن فالكلمة نحب أن نسمعها من صاحب (إحياء النحو) فهو أولى الناس بالذود عن حوضه، وخير من ينافح عن فكرته، خصوصاً وأنه يريد أن يعمم هذه الفكرة في وزارة المعارف وأن يقحمها في مناهج التعليم؛ وقيل إنه قابل الوزير لذلك الغرض فشجعه الوزير ووعده الخير. فليتقدم الأستاذ مدافعاً عن نفسه أو مسلماً لخصمه؛ وعلى أي حال سواء