لقد بلغت قضيتنا الوطنية مرحلة دقيقة خطيرة، وأنا أكتب هذا يوم
الثلاثاء الذي حدد لاستئناف النظر والمناقشة فيها، وقد ظهر من
اتجاهات مندوبي بعض الدول في الجلسات الماضية أن الأمر لا يجري
على مقتضى الحق والعدل، وأن مدَّ الدعاية وأمواج الحجج تتناثر عند
صخور مجلس الأمن التي تمثل الأغراض الاستعمارية وما يتصل بها
من المصالح المشتبكة.
وقد أدركنا أن أكبر جهادنا هو العمل داخل بلادنا، فدعا بعض الزعماء وقادة الرأي إلى عدم التعاون مع أعدائنا ومن يعاونهم، وتوثيق العلاقات مع الذين يناصروننا، وقد شعر الجميع بالارتياح لما فعلته الحكومة إذ منحت بولندا مهلة ستة أشهر بعد الميعاد المحدد لدفع ثمن الأقطان المبيعة لها من مصر. وجاء في بيان لحافظ رمضان باشا بالأهرام إلى أبناء وادي النيل بـ (أريد أيها المواطنون الأعزاء أن نجابه الحقيقة وننظر إلى مصلحتنا دون أي اعتبار آخر وألا نمد أيدينا ولا نتعاون إلا مع الدول التي تناصرنا في قضيتنا أمام مجلس الأمن) وجاء في حديث له بأخبار اليوم: (ونحطم (قوقعة) الخوف التي وضعتنا فيها سياسة بريطانيا فننشئ علاقات وثيقة ثقافية وسياسية بكل الدول التي أعانتنا في مجلس الأمن، فنوفد إليها كتابنا، ونشجع شبابنا الذين يطلبون العلم فيها)
ومن التصرفات الموفقة في هذا الصدد ما صنعه الأستاذ علي الغاياتي إذ رد الوسام البلجيكي الذي كان يحمله إلى وزير بلجيكا المفوض في مصر، على أثر موقف التحيز الذي وقفه الممثل البلجيكي مع أمثاله في مجلس الأمن ضد القضية المصرية.
أريد أن أخلص من هذا كله إلى أمر يدخل في هذا الباب الأدبي، أريد في هذا الظرف الحرج أن نقطع علاقاتنا الأدبية والثقافية بالإنجليز ومن يساعدهم ضدنا في مجلس الأمن وفي غيره وننشئ هذه العلاقات أو ننميها مع الدول التي تناصرنا.
حذار أن نقول ما شأن الثقافة والأدب بالخصومات السياسية والمنازعات الوطنية، فنحن