قالت الأهرام في عدد يوم الجمعة الماضي:(إن هناك بحثاً يدور الآن في بعض الدوائر العربية حول تكوين حلف عربي يواجه به العرب الظروف الحاضرة التي يجتازها العالم اليوم. والمفهوم أنه إذا انتهى هذا البحث التمهيدي فستدعى الحكومة المصرية رسمياً إلى الاشتراك فيه. أما الدول التي يشملها هذا الحلف فهي: مصر وسوريه وفلسطين والعراق والحجاز. وقد يتسع نطاقه فيشمل إيران وأفغانستان)
هذا التفكير على أي شكل كان يدل على تيقظ الروح الهاجد في الجسم العربي، ويبشر بتجمع القوى الشتيتة في أعضائه، ويطمئن قلوب الأحرار الأبرار الذين تتفارطهم الهموم على مستقبل العرب والإسلام والشرق. وكان من أعجب العجب أن يرى العالم العربي الخطوب تتواثب على جوانبه، والنوازل تتفاقم في أحشائه؛ ثم تظل كل دولة من دوله سادرة في مشاعب هواها تتلهى بالنظر الغرير إلى حركات زعمائها وهم يتصارعون على المناصب ويتنازعون على الحكم؛ كأن السلامة والسلام أمران يجريان من حياتها مجرى الأمور الطبيعية كالنوم واللذة والضحك، فهي لا تشغل بهما البال ولا تدير عليهما الفكر
ولقد قلنا منذ عام حين تحلبت أشداق النازية على حدود الدول الصغيرة: إن الدويلات الضعيفة كان لها فيما مضى من الزمن السعيد حارس من سلطان الدين وحكم القانون وعرف السياسة، فكانت تعيش في ظلال الخلق الإنساني العام حره آمنة، لا تجد من جاراتها الكبرى إلا ما يجده الصغير من عطف الكبير، والفقير من عون الغني؛ فلما كفر النازيون والفاشيون بشرائع الله وقوانين الناس أخذوا العالم بسياسة السمك، ففسد النظام، واختل التوازن، واضطربت الحياة، وذل الحق، وأفلس المنطق. فليس لها اليوم من عاصم أن تنضوي إلى الديمقراطية التي تجاهد في سبيل السلام والحرية والمدنية بجانب جهادها في سبيل نفسها؛ حتى إذا انتصرت على هذا الطغيان المسلح الكافر نظرت هي في يومها وفي غدها، فتعالج ضعفها بما تعالج به الطبيعة ضعف النمل والنحل والقرود، وهو التجمع والتعاون، فيكون بين البلاد المتجاورة كشعوب الإسلام الأربعة عشر شبه ما بين الولايات الأمريكية الثماني والأربعين: من اتحاد السياسة الخارجية والدفاع العام، والدستور المشرع،