والرئيس الحاكم. وإذن لا يبقى على الأرض أمة صغيره يقوم على استعمارها النزاع ويميل من جراها ميزان السلامة
إن من يستمع إلى الإذاعة العربية من بلاد المحور يرتعد فرقاً من هذا الإخلاص الإيطالي للإسلام وذلك العطف الألماني على العرب. ومن شقاء العقل أن نحمله على أن يسيغ هذه الدعاية الغريبة التي اتخذت وا أسفاه ألسنتها من بعض العرب الذين فتنهم المال الغرور لتقول: إن فيالق الدتشي وكتائب الفوهرر لم تحشد في صحراء مصر وجبال البلقان إلا لتنقذ العرب والمسلمين من عذاب الديمقراطية البريطانية!
ليت شعري من الذي حملهم هذه الرسالة وأوجب عليهم هذه التضحية؟ لسنا اخوتهم في الجنس ولا في العقيدة ولا في المنفعة حتى يكون لما يبذلون في سبيلنا من الأموال والأنفس مسوغ. ولسنا من السذاجة والغفلة بمكان القطيع الذي حالف الذئب الجائع الطامع على الكلب الحارس الأمين. إنما نحن شعب مختار حكم العالم في ماضيه، وتمرس بالشدائد في حاضره؛ فله من بصيرته الموروثة نفاذ إلى صميم الخديعة، ومن تجاربه الأليمة سداد في مزالق الفتنه؛ فلا نجهل أننا نحن الغنيمة التي يحتربون عليها، والطعمة التي يختصمون فيها؛ وكلما أرسلوا الأمواج من مذاييع باري وبرلين تحمل إلينا منهم الشوق المبرح والحدب الشديد، تضاممنا من الفزع ليتقي بعضنا ببعض سهام كيوبيد الأثيرية!
هذا التضام هو التكتل الذي يصير إلى الوحدة. والوحدة التي يقتضيها الدفاع عن النفس ويدعو إليها الخوف، أوثق وأصدق من الوحدة التي يوجبها النزوع إلى الأنس ويبعث عليها الأمن
لقد كان العرب والمسلمون فيما غبر متواكلين متخاذلين، لأنهم كانوا هم على هذه الحال يستطيعون في حمي الديمقراطية السمحة أن يعيشوا بوجه من الوجود. ولكن ماذا عساهم يصنعون وهذه الدكتاتورية الباغية تزحف شعبتاها إلى الشرق عن طريقين مختلفين: شعبة تبغي استغلال البلاد لأنها بطبيعة أرضها فقيرة، وشعبة تريد استعباد الناس لأنها بطبيعة عنصرها على زعمها سيدة. وإذا دهمك من اليمين ومن الشمال الجائع السلاب والمتكبر الغلاب فقدت وجودك المادي والأدبي السلب والغلب؛ ثم لا تدري أي شيء تكون بعد ذلك!
فاتحاد الأمم العربية أمام هذا الخطر الهاجم ضرورة خلقتها غريزة حب الحياة. وفي