في أواخر شهر يوليو المنصرم، منيت النهضة الأدبية الحديثة في السودان بخسارة جد فادحة قل أن يأتي الزمان لها بعوض، وذلك بوفاة شاعر هو من أفحل شعراء النهضة، هذا إن لم أقل إنه أرهفهم إحساساً أجمعين!
يعد الفقيد من أصغر شعرائنا المجيدين سناً، إذ كان مولده في مدينة أم درمان عام ١٩١٢
وقد تلقى علومه بمعهد أم درمان العلمي؛ وبعد تخرجه ساهم في تحرير جريدة (ملتقى النهرين)، قبل اندماجها في جريدة (حضارة السودان). ثم حرر في مجلة (أم درمان)، ومجلة (الفجر)
وكان الشاعر الشاب يؤمل أن تواتيه الظروف، فينزح إلى القطر المصري الشقيق، للانتظام في أحد معاهده العالية، غير أن جده العاثر لم يمكنه من إدراك هذه البغية
ومن رقيق شعره في الحنين إلى أرض الكنانة: -
عادني من حديثك اليوم يا مصر ... رَئِيٌّ وطوفت بي ذكرى
وهفا باسمك الفؤاد ولجت ... بسمات على المباسم سكرى
إنما مصر والشقيق الأخ السو ... دان كانا لخافق النيل صدرا!
نضر الله وجهها فهي ما تز ... داد إلا بعداً عليّ وعسرا!
والتيجاني لم يكن كأولئك النظامين الذين إذا ما شاءوا أن يؤلفوا القوافي أتوا بالتعابير الجاهزة الجافة، فقوموا قصيدهم منها كما يقوم البناءون البيت أو البناء بقوالب من الطوب. . . كلا لم يكن شاعرنا كأولئك، وإنما كان رحمه الله أشبه ما يكون بالمثال الماهر الذي يعمد إلى المواد الأولية البكر فينحت منها في غير محاكاة، تماثيل هي آية من آيات الفن الخالد على الزمن
وإليك أغرودة من أغاريد الشاعر المرقصة، وقد أسماها (النائم) قال: