وعليه أكثر من غيره يعتمد (المستصينون) في فهم الحياة الفلسفية لهذه الأمة، لأن التطور الذي وقع له ليس تطور حذف ولا تشويه، وإنما هو تطور إضافة وتأويل للنصوص القديمة بما يتفق مع سير العصور المختلفة. أما نصوصه فقد أثبت العلماء أن بعضها يرجع إلى القرن الثاني عشر قبل المسيح، وأن هذا البعض قد وجد عليه الطابع النحوي واللغوي لتلك العصور التي كتب فيها. والفضل في هذا التحقيق العلمي يرجع إلى العالم الدقيق (أليز) الذي استطاع بمعونة علوم اللغة أن يحدد - ولو على وجه التقريب - العصور التي كتبت فيها هذه النصوص. وإذاً، فنحن نرى أنه اجتمعت في هذا الكتاب المحافظة الدقيقة مع التطور المستمر.
وأما (شو - كينج) فأهميته كلها تنحصر في احتوائه على جميع النواحي الأخلاقية إذ أنه ضم بين دفتيه أسمى أنواع الفضائل والخيرات التي أتصف بها حكماء ملوك الصين فيما قبل التاريخ تلك الفضائل التي اتخذها (كونفيشيوس) فيما بعد نموذجا احتذاه وسار على منواله.
كان هذا الكتاب أكثر الكتب الصينية تعرضاً إلى التشويه والتبديل، إذ تحدثنا القصص الشعبية أنه كان في عهد (كونفيشيوس) مائة فصل كاملة نسخها هذا الحكيم بخطه، وأنه لما أمر الإمبراطور (اتسين - شي - هوانج - تي) بإحراق الكتب افتقد الناس كتابي: (شو - كينج) و (شي - كينج) فلم يجدوهما، فاضطروا إلى أن يستنسخوهم من جديد. وقد اعتمدوا في هذا على ذاكرة شيخ قدير وعالم جهبذ كان قد اشتهر في عصره بالدقة وقوة الذاكرة، وهو (فو - سانج). ولهذا السبب قد أصبح كتاب (شو - كينج) ثمانية وخمسين فصلاً بعد أن كان مائة.
ومهما يكن من الأمر، فإن هذا الكتاب له أهمية عظمى من الناحية الأخلاقية، لاحتوائه على كثير من الحكم والمواعظ والأمثال والقصص التي تعلي من شأن الفضيلة والخير.
هذه هي المصادر القديمة التي يعتمد عليها. وهناك كتب أخرى قد كتبت في العصور المتأخرة وسنشير إليها عندما نعرض لعصورها في شيء من التفصيل.