في عدد مضى من الرسالة اقترحنا على صاحب المعالي وزير المعارف أن تنشأ دار للترجمة مستقلة عن ديوان الوزارة يُختار لها مائتان على الأقل من المترجمين النابغين في لغتهم وفي اللغات الأوربية الثلاث ينقلون المعارف الأجنبية نقلاً كاملاً صحيحاً فلا يدَعون عَلماً من أعلام الأدب والعلم والفن والفلسفة والاجتماع إلا نقلوا كتبه ونشروها على حسب ترتيبها وتبويبها في طبعاتها الأصلية؛ فإذا فرغوا من ترجمة الموجود فرغوا لترجمة المستجد، فلا يكون بين ظهور الكتاب في أوربا وظهوره في مصر إلا ريثما يترجم هنا ويطبع. وكان هذا الاقتراح مبين الأسباب، مفصل النتائج، موضح الآثار، يقرأه القارئ فيحسبه الطول ما تردد في نفسه، وتجدد في أمانيه، صادراً عن رأيه أو منقولاً عن شعوره. لذلك دوى صداه في الأقطار العربية فتجاوبته ألسنٌ مبِينة، وتناولته أقلام بليغة؛ ولو ذهبنا نذكر كل ما قيل، وننشر كل ما كُتب، لما اتسعت الرسالة لموضوع غير هذا الموضوع.
على أننا ننشر اليوم قولين رسميين دارا على هذا الاقتراح في مجلس الشيوخ، أحدهما سؤال لشيخ محترم فيه رأي الأمة، والآخر جواب عنه لوزير المعارف لخص فيه رأي الحكومة، ثم نعقب عليهما بما نعتقد أنه الحق والأحق
صاغ الأستاذ أحمد رمزي بك أحد أعضاء مجلس الشيوخ من هذا الاقتراح سؤالاً وجهه إلى معالي عبد الرزاق السنهوري بك فأجابه عنه بقوله: (توجد فعلاً بوزارة المعارف إدارة لأداء الأغراض النافعة التي أشار إليها حضرة العضو المحترم في الجزء الأول من سؤاله، وهي ترجمة المؤلفات الأجنبية ونقل المعلومات العلمية والاجتماعية والأدبية وثمرات الثقافة الأجنبية إلى اللغة العربية؛ وعندما توليت وزارة المعارف أعدت تنظيم إدارة الثقافة العامة التي تتبعها إدارة الترجمة بما يكفل لها أداء مهمتها على الوجه الأكمل، وراعيت في هذا التنظيم الجديد أنه يمكن الوزارة من أن تستعين بمن يمكن الاستعانة بهم من الكتاب والمترجمين من موظفين وغير موظفين فتعهد إليهم بأعمال الترجمة والمراجعة نظير مكافآت سخية تصرفها لهم. وشكلت لجنة من كبار رجال الوزارة والجامعة لاختيار الكتب