التي تترجم، ووضع المناهج للترجمة وتعيين من يقومون بها. أما عن النفقات التي يحتاجها هذا العمل فإن الوزارة فضلاً عما يوجد في أبواب ميزانيتها من اعتمادات مرصودة لهذا الغرض لن تتأخر عن التقدم إلى البرلمان بطلب ما يحتاجه هذا العمل الواسع النطاق من اعتمادات جديدة)
أما سؤال الشيخ فاتجاه إلى الطريق الأقوم في تربية الشعب وترقية عقله ولغته وأدبه وعلمه وعمله؛ وأما جواب الوزير فاحتفاظ بالنمط المألوف من مسايرة (الروتين)، ومشاورة اللجان، ومطالعة التقارير، ومماطلة الحوافز، حتى يتراخى الزمن ويفتر العزم ويتغير الحال وينتقل الحكم وينتهي كل شئ إلى لا شئ! وكان الظن بصاحب المعالي وزير المعارف وهو من هو في منطقه وتعمقه وجده أن يعالج نقل المعارف الأجنبية على أنه تصحيح نهضة وتثقيف أمة وبدء تاريخ، فيجعله الهدف الأول لسياسة الوزارة في عهده، والمنار الهادي لمن يسلك هذا الطريق من بعده
إذن بقينا في نقل الثقافة الغربية على ما كنا عليه لم نتقدم خطوة: إدارة الترجمة في مراقبة الثقافة العامة تشرف على خمسة مترجمين أو ستة ينقلون سفراً ضخماً في التاريخ العام لا ندري في أي مدة ينتهي، أو كتاباً في تاريخ إنجلترةلماكولي لا ندري أي أمة يفيد؛ ثم الاستعانة بالكتاب والمترجمين من موظفين وغير موظفين (في أعمال الترجمة والمراجعة نظير مكافآت سخية تصرف لهم)، وهذه هي الخطوة الجديدة في الإدارة القديمة ولكنها إلى الوراء، لأن اختيار الكتب وتوزيعها على أحرار المترجمين تجربة تحققت في بعض العهود ثم أخفقت. وإخفاقها إنما أتاها من نزعتها الفردية في اقتراح الفكرة وانتخاب الكتاب واختيار المترجم. وبقاء الأعمال الفردية رهن ببقاء الفرد. والقاعدة عندنا أن يهدم الخالف ما بنى السالف حتى لا يكون لغيره بناء يقوم ولا عمل يتم. أما إذا أسس العمل على قانون أو مرسوم عز على الرياح أن تنال منه وإن سفَت عليه التراب وزمجرت حوله باللغط.
وبعد، فهل نستطيع أن نعرف ولو بالحدس بعض الأسباب التي سوغت للوزارة أن تفضل إدارة للترجمة على دار للترجمة؟ يقولون إن من هذه الأسباب صعوبة الحصول على مائتي مترجم يصلحون لهذا العمل. واعتراف الوزارة بهذه لصعوبة اعتراف منها بالعجز عن أداء ما خلقت له؛ فإن من العار الذي لا يرحضه ندم ولا لوم ألا نجد في جيلين نشأتهما الوزارة