منذ أسابيع خلت، عثرت في بريد (الرسالة) الأدبي على كتاب أرسله الأستاذ أحمد أمين إلى صديقه الأستاذ الزيات جواباً عما سأل سائل لجنة إنهاض اللغة العربية عن إغفالها كتب أستاذنا الزيات فيما اصطنعت للطلاب من كتب أعلام الأدب وأمراء البيان
ولقد كنت أوثر ألا أكون بين من يتحدثون عن هذا الموضوع المصري المحلي البحت؛ وإن كنت أومن أم وادي الكنانة وسائر ربوع العروبة الزهراء وطن كل عربي الوجه واليد واللسان
ولكن ما جاء في قرار أعضاء اللجنة وفي كتاب الأستاذ أمين من نعيهم جميعاً على (رفائيل وفرتر) انتهاكهما حرمات المثل الأخلاقية العليا، وذهابهم إلى أن من الخير أن يبعد هذان الكتابان العالميان عن أيدي الطلاب وأعينهم، وما يفهم من حكمهم هذا من مذاهب في العلاقة بين الأخلاق وهذا اللون من الأدب الوجداني الرفيع، كل هذا يغريني بأن أكتب غيرة على الأدب ودفاعاً عن الحق
ولست آخذ اليوم نفسي بالدفاع عن الزيات؛ فتحت أجنحة هذا النسر الجبار يستظل الألوف ممن هم أشد مني بأساً وأقوى مراساً. . ولن يضير الزيات أن تزل في تقدير أدبه مقاييس الحكم أو تطيش فيه نزعات الهوى - إن كان هناك هوى - بل ليفخر الزيات بأن يظلم مع (غوته ولامرتين)
ولئن بغي على النبوغ (قوة السلطان وحكم الأثرة فشهد فيه بالزور وحكم عليه بالباطل) ففي الأجيال القادمة - حين لا أهواء ولا مآرب - سيكون للعبقرية الموتورة نصفة، وللحق المبين رفعة
يقول الأستاذ أحمد أمين:(إن آلام فرتر موضوعه حب هائم ينتهي بانتحار فظيع، وإن روفائيل رسائل غرام بين شاب وامرأة متزوجة. ولم نر من الخير أن توضع أمثال هذه الكتب في أيدي الطلبة لناحيتها الأخلاقية لا ناحيتها البلاغية؛ ولو فعلنا لخالفنا ضمائرنا وهاج علينا أولياء أمور الطلاب بحق)