تفضل الصديق الشاعر الأستاذ محمد عبد الغني حسن فأهدي إلى ديوانه (من وراء الأفق) الذي ضمنه بعض قصائده التي قيلت في مناسبات شتى اغلبها في التغني بمفاتن ما جاس الشاعر من بلاد أوربا حيث كان يطلب العلم في ربوعها وهو بعد في فورة شبابه، واكتمال قوته وازدحام قلبه ونفسه بالصبوة واللهفة والحب.
والأستاذ محمد عبد الغني حين شاعر منذ باكورة صباه، وقد عرفته لأكثر من عشرين سنة وغرفت شعره كله منذ بدا يقول الشعر على وجه التقريب إلى الأن، وتبينت في وضوح وجلاء ملامح نفسه، وحركات قلبه، وعرفت طابعه في الشعر، وميسمه فيه، حتى لا كاد أرده إليه ولو لم يكن اسمه إلى جانبه!
وقد عجبت أن أغفل الأستاذ الكثير من شعره الذي نشره على الناس ولم يضمه إلى ديوانه هذا، على أنه لا يقل عنه شأنا، ولا يقف دونه عند الموازنة إن لم يكن خيرا منه وأعلى كعبا إلا أن يكون أراد لهذا الديوان معنى خاصا، وأراد له طابعا خاصا لا يحب أن بعدوه أو يحيد عنه أو ينحرف عما يبتغيه له. . .
وشعر ديوان الأستاذ عبد الغني يمتاز بسهولة عجيبة وسلاسة لا نكاد نظفر بها في شاعر اخر، فاللفظ يطاوعه ولا يكاد يعصي له أمرا! والكلمات تواتيه هينة لينة يجر بعضها بعضا إليه حتى لا أحسبه يحمل مشقة أو مجهدة في ذلك، وأنا أضمه في هذه الخاصة إلى شاعر العراق الكبير الأستاذ جميل صدقي الزهاوي.
وشعر الأستاذ على وجه العموم يمتاز إلى ذلك بجو (الإشراق) الذي تراه وهاجا في كل قصائده، وأنك لتحس هذا (الإشراق) يفيض عليك من كل جوانبك وأنت تقرا شعره، وأن هذا الجو المشرق ليرسل إلى نفسك نشاطا وقوة، وأنه ليحمل إليك لذة ونشوة، وأنك لتقرا وتقرأ فلا تمل ولا تكل ولا تحس رغبة في الانصراف عنه أو التحلل منه، وأحسب أن