للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مرد ذلك إلى طبيعة الشاعر نفسه، فأنك لتجد ذلك كله وأنت جالس إليه متنقل بك في حديثه هنا وهناك، فلا سام ولا ضيق ولا ملال. . .

وأغلب ظني أن الأستاذ عبد الغني تأثر إلى حد كبير - وخصوصا في صدر حياته - بشوقي، المح هذا في جلاء ووضوح في قصائده التي نظمها أول ما نظم الشعر، وقالها وهو بعد طالب مبتدئ، والمحه في التزامه ما كان يلتزم شوقي من الاستفهام في مطلع قصائده، والإكثار من سوق الحكمة فيها واتخاذ اغلب البحور والقوافي التي كان يتخذ واستعمال بعض ما كان له من عبارات ولازمات وأنك لتحس هذا التأثر واضحا جليا في إحدى قصائده (شباب) التي مطلعها:

يا شباباً بارك الله لكم ... وتولتكم رعايات القدر

وفي (في نعش الامتيازات) التي يقدم لها بكلام شوقي نفسه في سينيته التي عارض بها البحتري فيقول الأستاذ عبد الغني (تحررت مصر من قيود الامتيازات الأجنبية وأصبح الدوح حلالا على بلابله بعد أن كان محرما عليها وحلالا للطير من كل جنس) وهذا الكلام كما قال شوقي هو:

إحرام على بلابله الدو ... ح حلال للطير من كل جنس؟

وفي (مهرجان النيل) وفي (إلى الجبل الأشم) التي يقول فيها:

زمان الفرقة النكراء ولى ... وزال عن العروبة الانقسام

ويقول فيها:

سلوا عنهم أبوة آل حرب ... وما لأب على الدنيا دوام!

فإن شوقي يبدو هنا للعيان! وليس يعيب الشاعر أن يتأثر شاعرا آخر، وأن يتخذه رائدا له وإماما، وأن يجعله عمدته في قراءته، وإنما العيب أن يفنى فيه، وتمحى ذاته وشخصيته ويكون وكده أن ينهج نهجه، ويحذو حذوه، ويلوك كلامه!! وليس الأستاذ عبد الغني ممن انتهى إلى ذلك ولكنه تأثر فأسرف في التأثر كثيرا!

وفي الديوان قصائد ينبغي الوقوف طويلا عندها، والتنويه كثيرا بها، إنما اقدم للقارئ نماذج من جمال شعر الأستاذ يجد الكثير منه لو قرا الديوان كله! فمنها قصيدة (ذكريات نهر) التي يقول فيها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>