للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[غزل العقاد]

للأستاذ سيد قطب

- ١٨ -

متى كان الشاعر صادقا في شعوره وتعبيره، صاحب خصوصية في فهم الحب والحياة، متعدد الجوانب منفسح الآفاق؛ كثرت غزله - وفي شعره كله - صور (الحالات النفسية) - وهي الخاصة التي رصدنا لها هذا المقال في غزل العقاد - ولم يقف في الغزل عند الصور العامة الشائعة، لأنه معنيّ بإظهار خاصة نفسه، وتصوير خلجات ضميره.

وخصائص العقاد العامة - كما قلت في الكلمة الماضية - لا يخطئها الناقد في كل بيت له وكل قصيدة، حتى ليستطيع دارسه أن يثبت له أو ينفي عنه أقوالا لم يعلم صدورها عنه. وبعض إخواني الآن يتفكه معي، فيعرض عليَّ أقوالا منثورة ومنظومة ناسبا إياها للعقاد، فلا أجد صعوبة ما في نفي بعضها وإثبات بعضها، وبيان حكمة النفي والإثبات بخصائصه العامة التي لا تخطيء ولا نتخلف

هذه الخصائص أشد وضوحا في شعر (الحالات النفسية) بطبيعة الحال. وهذا الضرب من الشعر يمتاز فيه العقاد بالوفرة والتنوع والشمول، كما يمتاز (بالخصوصية) والتفرد.

ولا بد من التنبيه إلى هذه الامتيازات. فشعر الحالات النفسية قد يكون، ولكنه يكون ذا لون واحد، أو قريبا في غوره وانبساطه، فلا يكون - إذ ذاك - ميزة للشاعر، إلا من حيث إشارته إلى وجود البذرة الصالحة للإنبات؛ بذرة الأساس الصادق الأمين.

والحالات النفسية التي سنعرضها في هذا المقال فيها الطريف في نوعه وشكله، وفيها الشائع في نفوس المحبين الصادقين، ولكنه معروض في شكل جديد ونسق واتجاه خاصين خصوصية العقاد في عالم الشعراء

الصبابة المنشورة:

الحب الذي طمسه السلوان، وعفى عليه النسيان، يبعثه العقاد حيا، ويشخصه جسما، ويقول له ويستمع إليه، ويعجب منه ويرثي لمصيره، في جو مرهوب مسحور، كجو البعث والنشور.

<<  <  ج:
ص:  >  >>