للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صبابة قلبي! أقبل الليل غاضباً ... فهبي فقد يغشى الرفاتُ المغانيا

وقد تهجر الموتى القبورَ أمينة ... إذا الليل غشى بالرقاد المآقيا

وثوبي إلى الدنيا مع النوم فانظري ... مكانك قد أقوى وعرشك خاويا

ومري به مر الغريب. وطالما ... تربعت فيه قبل ذاك لياليا

ولا تسألي: من بالديار؟ فإنها ... على موثق ألا تجيب مناديا

بدا شبح عار من اللحم، عظمه ... يجاذب أضلاعا عليه حوانيا

يقاربُ في قيد المنية خطوَه ... ويمشي به ليلا مع الليل ثانيا

وقال: سلام! قلت: فاسلم وإن يكن ... دعائي لميت بالسلامة واهيا!

من الطارق الساري؟ فقال: صبابة ... نعمت بها حينا وما أنت ناسيا

فقلت: أرى جسما عري من روائه ... وعهدي به من قبل أزهر كاسيا

جهلتكِ لولا مسحة فيك غالبت ... بشاشتها أيدي المنون المواعيا

جهلتك لولا هزة في جوانحي ... يدَ الدهر لا تبقي من الشك باقيا

ألا شدَّ ما جار البلى يا صبابتي ... عليك فكيف استل تلك المعانيا

أأنت التي أسهرتني الليل راضيا ... وأنت التي أسكرت عيني صاحيا

وأنت التي كنا إذا الناس كلهم ... تولوا، وجدنا مغنما فيك وافيا؟

وأنت التي جليت لي الأرض جلوة ... أسائل عنها الأرض وهي كما هيا

أسائل عنها كل شيء رأيته ... أما كنت فينان المحاسن شاديا

نفختِ بها روحا فغرد صامت ... ورنم جلمود، وأصغيت لاهيا

فلما ألمّ البين لاذت بصمتها ... وأمسيت حتى يأذن الله صاغيا

وهل يسمع الصاغي إلى القبر نأمه ... ولو كان فيه (معبد) القوم ثاويا

نعم أنت لولا ساتر من منية ... وحسبك ستراً بالمنية ساجيا

وإن امرأ ماتت خوالج نفسه ... لقد جمع الشرين حياً وفانيا

حياة لها حد ولا حد للردى ... فليت المنايا والحياة تواليا

كما تتوالى يقظة العيش والكرى ... وتعقب أنوار الصباح الدياجيا

إذن لتشوقنا الحمام اشتياقنا ... إلى النوم واشتقنا الحياة دواليا

<<  <  ج:
ص:  >  >>