للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكرى ميلاد]

عند الثلاثين

للأستاذ محمد سعيد العريان

لشد ما أعياني السُرى!

منذ تسع وعشرين أصعد في الجبل وما بلغت. أتراني إلى القمة أدب دبيبي، أم قد جاوزتها وما أدري، فأنا منحدر أتدلف من جانبها إلى بطن الوادي. .؟

يكتفني الغيب فما أعرف أين يومي من أمسه ومن غده. أما أمس فقد خلعته عني، وطوته الأيام طي مرقعةٍ بالية فما تراه إلا خُلقاناً مركومة كالميت لفَّته أكفانُه. وهل الماضي إلا الجزءُ الذي مات منا؟

وأما الغد. . . فمن لي بما هناك؟ إن الأحلام لتكذب، فما أحسبها كانت تتراءى لي إلا دنيا غير دنياي ليس من أيامها يومي ولا غدي

هذه الأيام صرعى على مدرجة الزمن، وما تزال المنى تصطرع في رأسي!

يا لي من الأيام! لشد ما كانت تسخر مني إذ تمد لي أسباب المنى، حتى إذا هممتُ لم تكن عثراتي إلا أيامي!

اِنقشعي أيتها الغيوم واكشفي لي عما وراءك؛ إن لي أمنيةً هناك!

إني لأراني كأنما لَبِسَني النوم، فأنا من الرؤيا في دنيا غير التي أعرف، وناسٍ غير هذه الناس، وثَمَّت طفلٌ يعدو خلف فراشة، أتراه مُدرِكُها؟

لقد آب فارغ اليد، ولكن على شفتيه ابتسامة!

وأقبل يتعرفني وما كانت به إلى من حاجة

قال: (من أنت؟)

قلت: (أما تعرفني؟)

قال: (نعم، فمن تكون؟)

قلت: (فأنظر في مرآتك لعلك واجدٌ فيها الجواب.)

ونَظَر ونظرتُ من خلفه، فما كان في المرآة إلا وجه الطفل الضاحك

ولوى رأسه وعاد ينظر إلي ويقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>