- (لستَ هناك، وما أُراني أعرفك ولا تعرفك مرآتي)
ورفت الفراشة فانطلق يعدو وراءها والابتسامة على شفتيه!
يا طفولتي التي فرت بأسعد أيام الحياة، ليتكِ كنت تعرفين!
وعاد الطفل فتى يخطر ريان الوجه مشرق الجبين، فأزْوَرَّ إذ رآني على الطريق
قلت: (أتنكرني يا فتى؟ فإنني صاحبك!)
قال: (متى؟ فما أضنني عرفتك!)
قلت: (ذاك يوم التقينا على السفح والشمس ضاحية، وتصاوير الزهر ترف من أجنحة الفراشة)
وابتسم الفتى ومر بيمناه على جبينه وهو يقول:
- (لعلي أذكر من بَعدُ!)
وانطلق يغني جذلان
يا نضارة الصبي وبكرة الشباب، ليتك إذ توليت عابثة ناعمة بالحرية - كنت تدرين من هناك!
وأقبل من بعدُ شاب يبتسم. ما أشبه بصاحبه!
قلت: (هاأنت ذاك، أما تعرفني؟)
قال: (كأني رأيتك من قبل، بربك من تكون؟)
قلت: (فانك ما تزال تنكرني على ما صحبتُك زماناً ولمّا يَنقض عهد طويل!)
ولم أجد جوابي؛ فقد لوى الشاب رأسه يتابع بعينيه فتاةً تخطر، ثم انطلق مُهطعاً وراءها ونفسي تتبعه
يا الله! لكأنها هي. . .!
وتلاشى الوجود من أمامي فلم أعد أرى غير وجه ضاحك، وطلعةٍ مشرقة، وعينين تُشعان النور من وجه الفتاة
ورأيتها تدنو مني وفي وجهها كلام. . .
قلت: (أما تزالين تذكرين يا فتاة؟ يا للنفس العطوف!)
قالت: (أئنهُ لأنت؟ لله صبْرُك!)