للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

أزمة الكتاب والثقافة العالمية

عقد أخيراً في مدينة نيس في جنوب فرنسا مؤتمر نظمته أكاديمية البحر الأبيض المتوسط برياسة رئيسها الكاتب الكبير جورج دوهامل للنظر في مسألة ثقافية خطيرة هي أزمة (الكتاب). وقد أجمع المؤتمرون وهم رهط من كبار المفكرين والكتاب من مختلف أمم البحر الأبيض على أن مسألة الكتاب هي مسألة الثقافة العالمية كلها، وأنه لا يمكن أن تقوم بدون الكتاب أية ثقافة أو حضارة أو إنسانية أو سلام أو مثل عليا؛ ولذلك رأوا أن يعرضوا إلى المسألة من ناحيتها الدولية والعالمية

وجرى البحث في النقط والتفاصيل الآتية: هل يمكن أن تحل المجلات الدورية محل الكتاب؟ وهل يمكن أن تحل الإذاعة اللاسلكية (الراديو) مكان الكتاب والمجلة معاً؟ وهل يمكن أن يحل السينما مكان الكتاب والجريدة؟ وهل يمكن أن تشترك وسائل الإذاعة مع الكتاب أم لا يمكن إلا أن تضربه؟ وهل يمكن أن تستعمل هذه الوسائل بطريقة تتفق مع مصلحة التفكير والذهن الإنساني؟ وأخيراً هل يمكن أن يفيد تنظيم المكاتب العامة وإعارة الكتب بلا مقابل في تهذيب القراء، ويعاون في حل أزمة الكتاب؟

هذه النقط وجميع ما يتعلق بها كانت وما تزال موضع بحث المؤتمر أو محكمة الكتاب كما يسميه المسيو دوهامل

ولا ريب أن أزمة الكتاب والثقافة مسألة عالمية وهي مسألة الحضارة كلها؛ وقد بدأت هذه الأزمة من نهاية الحرب الكبرى إذ انصرفت الأذهان شيئاً فشيئاً عن الكتب القيمة وأغرقت الشعوب المختلفة بسيل من الآداب والكتب السطحية. ثم جاءت السينما الناطقة والراديو فزادت الأزمة حدة، وطغت الصحافة من جانبها على الكتاب وأخذت بتنويع محتوياتها الأدبية والثقافية تصرف الأنظار عن الكتاب

وقد شعرنا في مصر، كما شعرت جميع الأمم المتمدنة بهذه الأزمة الثقافية الخطيرة؛ ومن ثم فإنه يجدر بنا أن نبحثها كما يبحثها غيرنا، وأن نحاول معالجتها بنفس الوسائل والأساليب.

دانونزيو في رياسة الأكاديمية الإيطالية

<<  <  ج:
ص:  >  >>