كان تجلدك الذي امتنع على صدمة تلك الملمة؛ وثبات جأشك في عصف ذلك الخطب؛ موضع إكبار الجميع؛ حتى عدت سابقة لفضيلتكم في هذا الميدان، لقد تخطفت المنايا السود ولدك - وهو يمرح في أعطاف الرابعة عشر ربيعا، ويختال في حالة نسجت من طراءة العمر، ونضارة الصبا، لا تحركها أنامل الحياة غير مرة؛ فها هو ذا الشاب يلوذ بحمى - المستشفى - ليكف عادية الداء عن شابه؛ فإذا في ارتقابه بهذه الدار تلك السفينة التي تقلع بالإنسان إلى الشاطئ المجهول. ويهبط النبأ الفاجع على قلب - الشيخ - يا أسلاك البرق - قدحت أي زناد!! وأطرت أية شعلة بفؤاد - الشيخ - المرهف الشفوق. أية ناسفة تحمل أمثال هذه الأنباء التي تنزل في عالم الشعور؛ والإحساس؛ وأي لغم تفجره بين الجوانح تلك الكوارث ولكن قوة إيمان الشيخ، قد استطاعت أن تحول بين الشيخ، وبين ما تستهدف له القلوب. فيأتي الشيخ. وهو السكرتير العام للأزهر والرجل الموصل بأفئدة الأمة؛ أن يذيع نعيه في الصحف ولا حتى بين الأصدقاء الأقربين.
وتوجه في قلة قليلة لا تعدو أصابع اليد الواحدة إلى - دار المستشفى - وحمل قطعة قلبه إلى حيث يوسدها المضجع الأخيروصلى عليه حيال القبر؛ وعاد الشيخ ببعض النفس؛ والبعض في القبر وتجلس إلى الشيخ فإذا هو باسم الثغر، طلى الحديث. مؤنس المحضر. تدور أحاديث الدين، والأدب، والاجتماع، كأننا لسنا في دار ثكلت عزيزا؛ ولا بجوارح شيخ حتى التراب على معارف كان يخشى عليها الثقل من موطئ الذر.
لم أكتب هذه الكلمة لتكون عزاء فأنت، أيها الشيخ، أسمى من أن يسوق العزاء سائق؛ ولكن أريد أن أقدم نموذجا لما تكون عليه الرجولة في الشدائد، وأن يعرف الناس السنة الإسلامية التي يجعل بهم أن يستنوها مع من يشيعون.
محمد عبد الحليم أبو زيد
١ - ولم لا نسأل عن أشياء؟
أهي من عالم الغيب الذي استأثر الله بعلمه؟ أم هي من الأمور المعلومة من الدين