في (محاضرات الراغب): ذكر بعض الكتاب أنه كان يعاشر سوقياً. فاتفق أن دعاه يوماً، قال: فلما تمكنت اشتغل عني صاحب الدعوة فعثرت على رقعة بخطه فيها: (فلان دعاني مرتين ودعوته ثلاث مرات فعليه دعوة، وقد ذكرنا على هذا أسامي كل من يعاشرنا). فلما انتهيت إلى اسمي فرأيته قد حصل له على دعوات - خرجت وقلت له: لا أتناول طعامك حتى أرد ما علي، وقلت في ذلك:
أرى الدعوات قد صارت قروضا ... وديناً في البرية مستفيضا
فأكره أن أجيب فتى دعاني ... ولا أدعو فيلقاني بغيضا
٤٦١ - لا لباس للرأس. . .
قال ابن سعيد في (المُغْرب): الغالب على أهل الأندلس ترك العمائم ولا سيما في شرق الأندلس. وقد رأيت عزيز بن خطاب أكبر عالم بمرسية حضرة السلطان في ذلك الأوان وإليه الإشارة وقد خطب له بالملك في تلك الجهة وهو حاسر الرأس، وشيبه قد غلب على سواد شعره. وأما الأجناد وسائر الناس فقليل منهم من تراه بعمة في شرق منها أو غرب. وابن هود الذي ملك الأندلس في عصرنا رأيته بجميع أحواله ببلاد الأندلس وهودون عمامة، وكذلك ابن الأحمر الذي معظم الأندلس الآن في يده.
٤٦٢ - أخاطب بالتأمير وإلى منبج
كان البحتريّ مقيماً في العراق في خدمة المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان، وله الحرمة التامة، فلما قُتلا رجع إلى منبج وكان يحتاج للترداد إلى الوالي بسبب مصالح أملاكه، ويخاطبه بالأمير لحاجته، ولا تطاوعه نفسه إلى ذلك، فقال:
مضى جعفرٌ والفتحُ بين مُرَمَّل ... وبين صبيغٍ بالدماء مضرَّج
أأطلب أنصاراً على الدهر بعد ما ... ثوى منهما في الترْب أوسي وخزْرجي؟