للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القسم السادس:]

فرنسا ومستعمراتها

للأستاذ أحمد رمزي بك

بدا الفرنسيون تنفيذ برنامجهم الإصلاحي على مراحل في مراكش، فقد نقلت إلينا الأنباء البرقية طرفا من أخبارهم وهي تتلخص في بعض تغييرات إدارية أدخلوها ذراً للرماد في العيون فقالوا أن الوزارة ستتألف من عشرة وزراء مراكشيين وعشرة من فالفرنسيين واختير مستشار فرنسي يبحث القوانين واللوائح قبل عرضها على السلطان، وصرح فرنسي مسؤول بأن فرنسا تريد تحويل مراكش إلى دولة ديمقراطية حديثة كما ترغب بإخلاص في زيادة مسؤولية المراكشيين في حكم أنفسهم. وهذه نواح جديرة بالبحث والتأمل.

ولقد كنا أول من أذاع شيئاً عن اجتماع الدار البيضاء الذي حضره روزفلت وجيرو وديجول الفرنسيين وقلنا أن أراضي تونس والجزائر ومراكش كانت وديعة بيد الحلفاء، وقد أعيدت للسلطات الفرنسية بعد أن تعهد رجالها لروزفلت أن تسير هذه البقاع في ركب الحضارة نحو الحرية وتقرير المصير؛ ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، وإنما تحت ستار الإصلاحات الجديدة وتحويل مراكش إلى دولة حديثة وزيادة مسئولية المراكشيين في حكم أنفسهم، تقدم فرنسا للعالم المتمدين مشروعا استعماريا له خطورته لأنه ضربة جديدة موجهة إلى استقلال مراكش وحريتها ومستقبلها، ولذلك لم نستغرب أن رفض الأحرار المراكشيون هذه السياسة ونددوا بها وقالوا عنها (إنها تريد أن تغتصب البقية الباقية من مظاهر وجودهم. ونحن الذين تابعوا قضية المغرب من يوم أنزل الحلفاء جنودهم، وأنصتوا طويلا إلى أقوال قواد الحلفاء وبعض رجال السياسة الذين تحدثوا عن مستقبل هاتيك البلاد وعرفوا الكثير من تحمس رجال فرنسا وتمسكهم بوحدة إمبراطوريتهم ورفضهم الدخول في أي حديث يشتم منه طلائع الحرية والاستقلال لشعوب المغرب، ولم نتردد في أن نجهر بالقول لإخواننا أهل المغرب أن الخطر الذي يبدو لنا هو أن نوفق فرنسا لإقناع العالم أن سياسة الاتحاد الفرنسي مشروع إنساني يدعو إلى رفع مستوي الشعوب ويعد تنفيذه تحقيقا لما وعدوا به روزفلت في اجتماع الدار البيضاء أو إنه مرحلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>