خطوة جريئة يخطوها الأستاذ الكبير محمود بك تيمور في بناء الرواية التمثيلية، والخطوة هذه على ما فيها من جرأة تدل على روح فنان دؤوب ونفس ثائرة لا يرحمها المشي في طريق مسلوك، بل هي تواقة إلى تعبيد طريق جديد يجد السائر فيه كل ما يبهج ويفرح
أسميت عمل الصديق تيمور خطوة جريئة ولم أسمها متمردة، لأن محافظا مثله يتشدد في المحافظة على سلوك المحافظين وفق (الإيتيكيت) لا ينحرف عنها في حياته الخاصة إلا حينما يجبره إخوانه الأدباء على الالتفاف حول طبق الثريد، وإن خروجه في رواية ابن جلا، على التاريخ يشذ به ويقلمه ويكيفه تكييفا خاصا وفق مزاج الفنان، يضرب بالقيود التاريخية، ويهمل الواقع والأسانيد والعنعنات والبلاغات الرسمية والمحفوظات وما إليها من عدة نفاق المؤرخين وكذب كتب التاريخ، إن خروجا كهذا لا يكفي أن نسميه بالخطوة الجريئة، ولا ننعته بالتمرد، بل يحسن أن نسميه فتحاً جديداً في الفن الروائي العربي
تصدى الأستاذ تيمور في العام الماضي لشخصية أدبية خالدة في تاريخ الأدب هي شخصية بارزة في الإسلام تتحلى بأوفر خصائص الرجل العظيم وصفاته، هي شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي، وإن التعرض لشخصية خالدة وإخراجها على مسرح التمثيل لا يخلو من ضرورة خلق الجو الملائم لروح العصر والبيئة التي عاش فيها صاحب الشخصية؛ والانتقال به من مكان وسماء وملابسات وبواعث إلى خلافها أو إلى ما يناقضها من ظروف وصدف ومفاجآت، بل لا بد من السير في حدود حددها التاريخ ضمن نطاق محاط بسور من القدسية هي أمنع من الحصن، ولكن الأستاذ تيمور بروايته التي افتتحت بها (فرقة المسرح المصري) حياتها قد ابتعد عن كل ما له صلة بالتسلسل التاريخي وتناول (شخصية) البطل الذي خلق التاريخ وأطل عليها من ناحيات عدة ثم أرانا إياها مرة واضحة أو سافرة أو محجبة بحجاب كثيف، ومرة يحوطها ضباب معتم أو شفاف، وبكلمة