أوضح جعل أعمال البطل تدل عليه، وتصرفاته تنم عن شخصيته
هو ذا الفتح الجديد ي فن الرواية التمثيلية الذي عنيت، وهو فتح يساير روح العصر في الدرس والتحليل والاستقراء والاستنتاج، وفي الغوص على النفس ينبش المكنون في أعماقها يحل العقد فيها، ويبسط بواعث الانفعالات، ويلاحظ ويدقق في ملاحظة أسباب انفعالاتها ونتائج الانفعالات.
على هذا النحو من التأثر بروح العصر، وعلى هذا الضرب من مسايرة علم النفس أراد الأستاذ تيمور أن يظهر شخصية الحجاج أمام الجمهور، ولكن هل استطاع التوفيق بين ما أراده وبين ما أردنا إياه؟ هل صورة الحجاج التي رسمها لنا تمثل الحقيقة من حياة الرجل أم هي خيالات نفخ فيها من روحه هو ولم يقو على أن يبعث فيها روح صاحبها؟ هل تصرفات الحجاج في حياته جاءت مطابقة لما هو وارد في كتب التاريخ وسير أعلام الإسلام، أو أن المؤلف رأى بدافع من دوافع أصول الفن المسرحي أن يجعل خطوط حياة الحجاج مرة بارزة واضحة ومرة أخرى مستترة وراء شعار شفاف استلفاتاً لاهتمام النظارة وجذباً لأنظارهم؟
عرف الحجاج بالبلاغة الخطابية، والإرادة الصارمة، والشدة القاتلة، والحزم، والحرص على النظام، فأي صفة من هذه الصفات لم يعطها المؤلف حقها من الإيضاح وأي منها لم تنله كاملا؟ وهل الصورة التي علقت في ذهن المشاهد العادي هي صورة صادقة للحجاج، أو قريبة من الصدق، أو هي مشوهة؟
يحسن أن نلفت النظر إلى أن الأستاذ محمود بك تيمور هو من أعضاء المجمع اللغوي، وإن عالماً مثله صار في عداد الخالدين لا بد أن يكون اللغة طيعة له لينة، أضف إلى ذلك أن من أبرز صفاته الأدبية كتابة القصة، وأن لا محيد للقاص من الانفعال مع نفسه فيكون غضوباً ومسالماً، قاسياً وليناً، عبوساً وباشاً عند الحاجة، ولا بد له من القدرة على تقمص روح المتكلم فيكون كلامه كالملوك أو كالسوقة، كالعلماء أو كالجهلاء، كالمزارعين وعامة الدهماء، يهبط أو يرتفع مع كل طبقة من الناس حسب تفكيرها وتعابيرها ومصطلحاتها، يفكر تفكير المرأة يصور أحاسيسها وشعورها ومدى خيالها وأطماعها، وقد قرأنا في بعض مؤلفات الأستاذ تيمور ما يؤكد قدرته على ذلك، فهل استطاع في هذه المرة أن يسمو بحديثه