أقف قليلاً حتى أستعد لتدوين ما سمعت من ظمياء. وأشهد أني سمعت بقية حديثها وأنا كاره، لأن أسم عبد الحسيب أصبح يزعجني، فهو الحبيب الأول، وأنا إن شاء الهوى سأكون الحبيب الثاني. وحماسة ظمياء في سرد القصة قد تنتهي بتذكير ليلى بماضيها فتنتكس وتضيع من يدي، لا قدّر الله ولا سمح. وهل أملك زمانها إلا إن وصلتُ بها إلى ساحل العافية؟ كتب الله لها السلامة، وشفى من أجلها جميع المرضى من الملاح!
ومن واجبي نحو نفسي أن أنص بصراحة على أني لست لئيماً كل اللؤم في هذه القضية - وما أبرئ نفسي، إن النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم ربي - فأنا أحب أن تُعافَي ليلى لأنفرد بهواها، ولكني مع ذلك أشعر في بعض الأحيان أني أخدمها بإخلاص، فانه يعز عليّ والله أن تُعطب سيدة لها مثل طرفها الساحر، وصوتها الرخيم. يعزّ عليّ أن تعطب مثل تلك الإنسانة وإن خلت منها يدي، وهذه فيما أظن أول مرة أشعر فيها بحلاوة الصدق، فقد مضت أعوام وأنا لا أداوي امرأة جميلة إلا هممت بخطفها من زوجها. وقد وقعت لي من ذلك حوادث سيطول عليها ندمي، حين أثب إلى رشُدي، أنا الطبيب الآثم الذي زعزع عروش السعادة في كثير من البيوت
أنا أشعر حقاً وصدقاً أن ليلى تهمني؛ وأشعر حقاً وصدقاُ أني مستعد للتضحية بنصيبي من هواها؛ ولكن ما الذي يمنع من الجمع بين المزيتين: عافيتها وسعادتي؟ يمكن بسهولة أن تصير محبوبتي بلا بغي ولا عُدوان، والخلاصة أني أريد أن يُنسى اسم عبد الحسيب، ولكن كيف؟ إن قصته تهمني جداً، لأنها ستعلمني كيف أسوس ليلى، وهذا بيت القصيد، فقد أصبح مفهوماً عندي أنه كان (عبيطاً) لا يعرف ما يأتي وما يدع. وكان مصيره أن يُحرم عطف ليلى، فيمرض هو في مصر، وتمرض هي في العراق، وما احب أن أكون ثالث المرضى!
يضاف إلى هذا أن ظمياء ستتكلم أيضاً عن درية أخت عبد الحسيب؛ وهذا الاسم يهمني جداً، ولا اعرف السبب في ذلك، ولعلي أعرف بعد حين، فقد تتذكر الإنسانة التي تحمل