للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[جندي الأدب المجهول]

للأستاذ عبد الوهاب النجار

أقول جندي فقط لأنه لم يكن ضابطاً كريماً ولا ضابطاً عظيماً ولا ضابطاً صغيراً، بل كان جنديا. وكفى

والذي أتحدث إلى حضرات الأدباء عنه، أعتقد أن أحداً منهم لا يعرف عنه شيئاً. وهو المرحوم الشيخ المعمر محمد أفندي التميمي بن المرحوم احمد التميمي مفتي الديار المصرية

وكان والده المرحوم الشيخ أحمد التميمي من أهل مدينة الخليل بفلسطين ومن علمائها ومن ذرية تميم الداري. وقد آتى به إلى الديار المصرية ساكن الجنان إبراهيم باشا جد مولانا الملك فؤاد، وعين مفتياً للديار المصرية. وظل بتلك بالوظيفة إلى ان عزل بالمرحوم الشيخ محمد العباسي الحفني المهدي - (وقد تولى الشيخ المهدي إفتاء الديار المصرية وهو طالب بالأزهر)

مات المرحوم الشيخ احمد التميمي عن ولديه عبد الرحمن أفندي ومحمد افدي؛ فإما عبد الرحمن فأسرع في تركة والده إسراعا شديداً، فانشأ له ذهبية في النيل وجعل مقابض مداريها من الذهب، والجزء الذي يغرز في الطين من الفظة، وجعل نعال خيله من الفضة! وكان أخوه محمد لا يعصي له أمراً، فكلما أراد بيع عمارة أو بيت أمضى محمد مع أخيه عبد الرحمن واعترف بقبض ثمن حصته، وهو في الواقع لا يناله من ذلك سوى النزر اليسير

فلما فرغت الراحة عمد محمد أفندي إلى اسطنبول ليجد واسطة من أصدقاء والده ليعين في وظيفة. ولست اعلم إن كان أخوه عبد الرحمن أفندي سافر إلى اسطنبول أولا

وآخر عهدي بعبد الرحمن أفندي أنه كان مأمور مركز؛ وكانت له ورشة نجارة بطنطا، لأنه أتقن فن النجارة أيام أن كان مهيمناً على عمارات والده

وأما محمد أفندي وهو أديبنا المجهول، فلما عاد بالوصية عين موظفاً بتفتيش السنطة والهياتم التابع لدائرة ثالثة زوجات المرحوم إسماعيل باشا

كان المرحوم محمد أفندي التميمي مغرماً بالتدخين في النرجيلة (الشيشة)، فلما كان في

<<  <  ج:
ص:  >  >>